الاستعاذة والبسملة من عدة علوم، يسمى " رياض الطالبين " قرظه له شيخه علم الدين البلقيني. وأجيز بالافتاء وتدريس عامة العلوم سنة (876 ه) وكان أفتى مستهل سنة (871 ه) وعقد إملاء الحديث سنة (872 ه) وقرظ له شيخه تقي الدين الشمني ما ألفه في شرح ألفية ابن مالك وجمع الجوامع في النحو، الذي شرحه في همع الهوامع، وهو يدل على سعة اطلاعه. ورحل إلى: الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب وبلاد التكرور، وإلى المحلة ودمياط والفيوم من المدن المصرية. وحج وشرب ماء زمزم لأمور: منها أن يصل في الفقه إلى رتبة سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر العسقلاني.
وللسيوطي شيوخ بلغ بهم تلميذه الداودي ممن أجازه أو قرأ عليه أو سمع منه أحدا وخمسين ومائة. وللسيوطي معجم كبير بأسماء شيوخه، يسمى " حاطب ليل وجارف سيل " ومعجم صغير يسمى " المنتقى " ومعجم في مروياته يسمى " زاد المسير في الفهرست الصغير ". ويبلغ عدد شيوخه الذين ذكرهم في معجمه خمسين شيخا.
تحصيله وعلمه: كان السيوطي صاحب فنون وإماما في كثير من العلوم، ورزق التبحر في سبعة علوم، كما ذكره في حسن الحاضرة: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني والبديع، على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة ومن قوله في كتابه " الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض ": " وليس على وجه الأرض من مشرقها إلى مغربها أعلم بالحديث والعربية مني، إلا أن يكون الخضر أو القطب أو وليا لله تعالى ". وقد يسلم له ذلك في العربية، ولا يسلم له في الحديث إلا بمعنى الحفظ للمتون، أو أن ذلك بعد موت السخاوي.
وذكر أنه في هذه العلوم سوى الفقه بمرتبة لم يصلها أحد من أشياخه، وأما الفقه فشيخه أوسع منه نظرا وأطول منه باعا. وأما علم أصول الفقه والجدل والتصريف، فهو فيها دونه في العلوم السبعة السابقة. ودونها علم الانشاء والترسل والفرائض. ودونها علم القراءات، وليس له فيه شيخ، ودونه علم الطب. أما علم المنطق فذكر أنه قرأ منه في بدء الطلب شيئا ثم كرهه، وتركه تقليدا لافتاء ابن الصلاح بتحريمه. قال: وقد عوضني الله عنه علم الحديث، وله في ذلك مؤلف سماه " القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق " ومؤلف آخر يسمى " صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام " وأما علم الحساب فكان أعسر العلوم عليه وأبعده منه. وفيه يقول: " وإذا نظرت في مسألة تتعلق به فكأني أحاول جبلا أحمله ". وكان موهوبا في الحفظ، وقد ذكر أنه يحفظ مائتي ألف حديث.
وقد انتفع السيوطي بمكتبة المدرسة المحمودية، وكان مقرها بقصبة رضوان، مكان الجامع المعروف الان بجامع الكردي في أول الخيمية من جهة باب زويلة، قال المقريزي: " وبهذا الخزانة كتب الاسلام من كل فن ". وهذه المدرسة من أحسن مدارس مصر، وتنسب إلى محمود بن علي الاستادار الذي أنشأها سنة (797 ه). وقال عنها الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر: إن الكتب التي بها - وهي كثيرة جدا - من أنفس الكتب الموجودة الان بالقاهرة، وهي من جمع البرهان ابن جماعة في طول عمره، فاشتراها محمود الاستادار من تركته بعد موته ووقفها، وشرط أن لا يخرج منها شئ من مدرسته. وكانت هذه الخزانة في أمانة الحافظ ابن حجر، وكان بها نحو من أربعة آلاف مجلد، وعمل لها ابن حجر فهرستا، وللسيوطي فيها رسالة تسمى " بذل المجهود في خزانة محمود " نشرها الأستاذ فؤاد السيد في مجلة معهد المخطوطات العربية. وكثيرا ما كان العلم البلقيني والشرف المناوي يستعيران منها إعارة خارجية بمنزليهما.
والسيوطي قد كملت عنده أدوات الاجتهاد وحصل علومه، وذكر ذلك عن نفسه في حسن المحاضرة، وفي الرد على من أخلد إلى الأرض، وفي طرز العمامة، وفي مسالك الحنفا قال: " ولو شئت