بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله.
قال الشيخ الإمام العالم العلامة البحر الحبر الفهامة، مفيد الطالبين وحيد دهره وفريد عصره بقية السلف الصالح جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي لطف الله به:
الحمد لله الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم بأوضح المسالك ونور به أرجاء كل حالك، وإشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك المالك، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صاحب الطريقة الغراء التي من رغب عنها فهو الهالك صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المخصوصين بالشرف الاعلى وهم أهل ذلك.
هذا تعليق لطيف على موطأ الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه على نمط ما علقته على صحيح البخاري المسمى بالتوشيح، وما علقته على صحيح مسلم المسمى بالديباج وأوسع منهما قليلا لخصته من شرحي الأكبر جمع فأوعى وعمد إلى الجفلى حين دعا، وقد سميت هذا التعليق (تنوير الحوالك على موطأ مالك) والله أسأل أن يسلك بنا في الدنيا والآخرة أحسن المسالك.
مقدمة فيها فوائد:
الأولى: مؤلف الكتاب هو إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث ينتهي نسبه إلى يعرب بن يشحب بن قحطان الأصبحي جده أبو عامر صحابي جليل شهد المغازي كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلا بدرا وابنه مالك جد مالك من كبار التابعين وعلمائهم وهو أحد الأربعة الذين حملوا عثمان ليلا إلى قبره، وأما مالك الإمام فذكره ابن سعد في الطبقة السادسة من تابعي أهل المدينة ولد في سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة تسعين، وقيل غير ذلك، وحملت به أمه ثلاث سنين. قال ابن سعد: أنا مطرف بن عبد الله اليسارى قال:
كان مالك بن أنس طويلا عظيم الهامة أصلع أبيض الرأس واللحية أبيض شديد البياض إلى الشقرة.
قال الشافعي: إذا جاء الأثر فمالك النجم، وقال أيضا: إذا ذكر العلماء فمالك النجم وما أحد أمن علي في علم الله من مالك بن أنس. وقال أيضا: مالك وابن عيينة القرينان، لولاهما لذهب علم الحجاز.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: ما بقي على وجه الأرض أحد آمن على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من مالك بن أنس. وقال سفيان بن عيينة: رحم الله مالكا ما كان أشد انتقاد مالك للرجال. وقال يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين: مالك أمير المؤمنين في الحديث. وقال ابن وهب:
لولا مالك والليث لضللنا. وقال ابن مهدي: ما أقدم على مالك في صحة الحديث أحدا، وقال أبو قدامة: كان مالك أحفظ أهل زمانه. وقال ابن مهدي: ما رأيت أعقل من مالك. وقال الشافعي:
العلم يدور على ثلاثة: مالك بن أنس وسفيان بن عيينة والليث بن سعد. وقال سفيان بن عيينة في