الكتاب وقد شركك فيه الناس وعملوا أمثاله فقال: ايتوني بما عملوا. فأتي بذلك فنظر فيه ثم نبذه، وقال: لتعلمن أنه لا يرتفع من هذا إلا ما أريد به وجه الله تعالى. قال: فكأنما ألقيت تلك الكتب في الابار وما سمع بشئ منها بعد ذلك يذكر. قال ابن عبد البر: وبلغني عن مطرف بن عبد الله الأصم صاحب مالك قال: قال لي مالك: ما يقول الناس في موطأي؟ فقلت له: الناس رجلان محب مطر وحاسد مفتر. فقال لي مالك: إن مد بك عمر فسترى ما يراد الله به.
وأخرج الخطيب عن أحمد بن سعيد بن أبي علقمة قال: لما صنف مالك كتبه كان إذا مر بحديث زيد بن أسلم قال: أخروا هذا الشذر حتى نجعله في موضعه. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما وضع مالك الموطأ جعل أحاديث زيد بن أسلم في آخر الأبواب، فقلت له في ذلك فقال: إنها كالسراج تضئ لما قبلها. أخرجها ابن عبد البر في التمهيد. وأخرج الخطيب عن أبي بكر بن أبي زيد الزبيري قال: قال الرشيد لمالك: لم نر في كتابك ذكرا لعلي وابن عباس فقال: لم يكونا ببلدي ولم ألق رجالهما.
الفائدة الرابعة: قال الشافعي رضي الله عنه: ما على ظهر الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك. أخرجه ابن فهر من طريق يونس ابن عبد الأعلى عنه، وفي لفظ ما وضع على الأرض كتاب هو أقرب إلى القرآن من كتاب مالك. وفي لفظ: ما في الأرض بعد كتاب الله أكثر صوابا من موطأ مالك. وفي لفظ: ما بعد كتاب الله أنفع من الموطأ. وقال الحافظ مغلطاي: أول من صنف الصحيح مالك. وقال الحافظ ابن حجر: كتاب مالك صحيح عنده وعند من يقلده على ما اقتضاه نظره من الاحتجاج بالمرسل والمنقطع وغيرهما. قلت: ما فيه من المراسيل فإنها مع كونها حجة عنده بلا شرط، وعند من وافقه من الأئمة على الاحتجاج بالمرسل فهي أيضا حجة عندنا لأن المرسل عندنا حجة إذا اعتضد، وما من مرسل في الموطأ إلا وله عاضد أو عواضد كما سأبين ذلك في هذا الشرح، فالصواب إطلاق أن الموطأ صحيح لا يستثنى منه شئ وقد صنف ابن عبد البر كتابا في وصل ما في الموطأ من المرسل والمنقطع والمعضل. قال: وجميع ما طريق قوله بلغني ومن قوله عن الثقة عنده مما لم يسنده أحد، وستون حديثا كلا مسندة من غير طريق مالك إلا أربعة لا تعرف أحدهما ك إني لا أنسى ولكن أنسى ولاسن. والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر، والثالث: قول معاذ آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وضعت رجلي في الغرزان قال: حسن خلقك للناس: والربع: إذا أنشأت بحرية ثم تشأمت فتلك عين غديقة. وقال بعض العلماء: أن البخاري إذا وجد حديثا يؤثر عن مالك لا يكاد يعدل به إلى غيره حتى أنه يروى في الصحيح عن عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جورية عن مالك وقال سعدون الورجيني:
أقول لمن يروي الحديث ويكتب * ويسلك سبل الفقه فيه ويطلب أن أحببت أن تدعى لدى الحق عالما * فلا تعد ما تحوي من العلم يشرب أتترك دارا كان بين بيوتها * يروح ويغدو جبرئيل المقرب ومات رسول الله فيها وبعده * بسنته أصحابه قد تأدبوا