قال الباجي ولم يرد نفي الشدة عنه فإنه يعلم بالضرورة شدته وإنما أراد أنه ليس بالنهاية في الشدة وأشد منه الذي يملك نفسه عند الغضب أو أراد أنها شدة لها كبير منفعة وإنما الشدة التي ينتفع بها شدة الذي يملك نفسه عند الغضب كقولهم لا كريم إلا يوسف لم يرد به نفي الكرم عن غيره وإنما أريد بث إثبات مزية له في الكرم وكذا لا سيف إلا ذو الفقار ولا شجاع إلا علي (1614) لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليلا قال بن عبد البر هذا العموم مخصوص بحديث كعب بن مالك ورفيقيه حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بهجرهم قال وأجمع العلماء على أن من خاف من مكالمة أحد وصلته ما يفسد عليه دينه أو يدخل عليه مضرة في دنياه أه يجوز له مجانبته وبعده ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية وقال النووي في شرح مسلم وردت الأحاديث بهجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة وأنه يجوز هجرانه دائما والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائم انتهى وما زالت الصحابة والتابعون فمن بعدهم يهجرون من خالف السنة أو من دخل عليهم من كلامه مفسدة وقد ألفت في ذلك كتابا سميته الزجر بالهجر فيه فوائد وخيرهما أي أكثرهما ثوابا الذي يبدأ بالسلام قال الباجي وغيره فيه أ السلام يقطع الهجرة (1615) ولا تدابروا أي لا تعرض بوجهك عن أخيك وتوله دبرك استثقالا له وبغضا بل أقبل
(٦٥٥)