زيد يركض ركضا فكذلك يجوز على قياس قولهم أن يكون التقدير هلم يجر جرا انتهى ثم قول بن الأنباري معناه سيروا على هيئتكم إلى آخره معترض من وجهين أحدهما أن فيه إثبات معنى لهلم لم يثبته لها أحد والثاني أن هذا التفسير لا ينطبق على المراد بهذا التركيب فإنه إنما يراد به استمرار ما ذكر قبله من الحكم فلهذا قال صاحب الصحاح وهلم جرا إلى اليوم ثم قال بن هشام والذي ظهر لنا في توجيه هذا الكلام بتقدير كونه عربيا أن هلم هذه هي القاصرة التي بمعنى ائت وتعال إلا أن فيها تجويزين أحدهما أنه ليس المراد بالاتيان هنا المجئ الحسي بل الاستمرار على الشئ والمداومة عليه كما تقول امش على هذا الامر وسر على هذا المنوال والثاني انه ليس المراد الطلب حقيقة وإنما المراد الخبر وعبر عنه بصيغة الطلب كما في فليمدد له الرحمن مدا وجرا مصدر جره يجره إذا سحبه ولكن ليس المراد الجر الحسي بل المراد التعميم كما استعمل السحب بهذا المعنى في قولهم هذا الحكم منسحب على كذا أي شامل له فإذا قيل كان ذلك عام كذا وهلم جرا فكأنه قيل واستمر ذلك في بقية الأعوام استمرارا فهو مصدر أو استمر مستمرا فهو حال مؤكدة وذلك ماش في جميع الصور وهذا هو الذي يفهمه الناس من هذا الكلام وبهذا التأويل ارتفع إشكال العطف فإن هلم جرا حينئذ خبر وإشكال التزام إفراد الضمير إذ فاعل هلم هذه مفرد أبدا كما تقول واستمر ذلك أو واستمر ما ذكرته انتهى كلام بن هشام (529) من خطأ السنة أي من مخالفتها (531) عن أبي هريرة انه نهى عن يتبع بعد موته بنار قال بن عبد البر قد روى النهي عن ذلك من حديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
(٢٣٤)