مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٨٥
فيما إذا قال وقفت هذا لله أجيب بأن غالب الوصاية للمساكين فحمل الاطلاق عليه بخلاف الوقف، وبأن الوصية مبنية على المساهلة فتصح بالمجهول والنجس بخلاف الوقف. قال الأذرعي: ويشبه أنه لو نوى المصرف واعترف به صح ظاهرا، ونازعه الغزي في ذلك، فإنه لو قال: طلقت ونوى امرأته لا تطلق لأن النية إنما تصح فيما يحتمله اللفظ، وليس هنا لفظ يدل على المصرف أصلا اه‍. وهذا أظهر. ولو بين المصرف إجمالا كقوله: وقفت هذا على مسجد كذا كفى وصرف إلى مصالحه عند الجمهور، وإن قال القفال: لا يصح ما لم يبين الجهة فيقول على عمارته ونحوه. ثم شرع في الشرط الثالث، وهو التنجيز، فقال: (ولا يجوز تعليقه كقوله إذا جاء زيد فقد وقفت) كذا على كذا، لأنه عقد يقتضي نقل الملك في الحال لم يبن على التغليب والسراية فلم يصح تعليقه على شرط كالبيع والهبة.
تنبيه: محل الخلاف فيما لا يضاهي التحرير، أما ما يضاهيه ك‍ جعلته مسجدا إذا جاء رمضان، فالظاهر صحته كما ذكره ابن الرفعة. ومحله أيضا ما لم يعلقه بالموت، فإن علقه به كقوله: وقفت داري بعد موتي على الفقراء فإنه يصح. قال الشيخان: وكأنه وصية لقول القفال إنه لو عرضها للبيع كان رجوعا. ولو نجز الوقف وعلق الاعطاء للموقوف عليه بالموت جاز كما نقله الزركشي عن القاضي الحسين، ولو قال: وقفته على من شئت أو فيما شئت وكان قد عين له ما شاء أو من يشاء عند وقفه صح وأخذ ببيانه، وإلا فلا يصح للجهالة. ولو قال: وقفته فيما شاء الله كان باطلا لأنه لا يعلم مشيئة الله تعالى.
ثم شرع في الشرط الرابع وهو الالزام فقال: (ولو وقف بشرط الخيار) لنفسه في إبقاء وقفه والرجوع فيه متى شاء أو شرطه لغيره أو شرط عوده إليه بوجه ما، كأن شرط أن يبيعه أو شرط أن يدخل من شاء ويخرج من شاء. (بطل على الصحيح) قال الرافعي: كالعتق والهبة. قال السبكي: وما اقتضاه كلامه من بطلان العتق غير معروف، وأفتى القفال بأن العتق لا يبطل بذلك لأنه مبني على الغلبة والسراية. ومقابل الصحيح يصح الوقف ويلغو الشرط كما لو طلق على أن لا رجعة له.
تنبيه: كان الأولى التعبير بالأظهر، فإن الخلاف قولان منصوصان في البويطي. (والأصح أنه إذا وقف بشرط أن لا يؤجر) أصلا أو أن لا يؤجر أكثر من سنة صح الوقف، و (اتبع شرطه) كسائر الشروط المتضمنة للمصلحة. والثاني:
لا يتبع شرطه، لأنه حجر على المستحق في المنفعة.
تنبيه: يستثنى من إطلاق المصنف حال الضرورة، كما لو شرط أن لا تؤجر الدار أكثر من سنة ثم انهدمت وليس لها جهة عمارة إلا بإجارة سنين، فإن ابن الصلاح أفتى بالجواز في عقود مستأنفة وإن شرط الواقف أن لا يستأنف لأن المنع في هذه الحالة يفضي إلى تعطيله، وهو مخالف لمصلحة الواقف. ووافقه السبكي والأذرعي إلا في اعتبار التقييد بعقود مستأنفة، فرداه عليه وقالا: ينبغي الجواز في عقد واحد. والذي ينبغي كما قال شيخنا ما أفتى به ابن الصلاح لأن الضرورة تتقدر بقدرها. ولو شرط الواقف أن لا يؤجر أكثر من ثلاث سنين فأجره الناظر ست سنين، فإن كان في عقد واحد لم يصح في شئ منها ولا يخرج على تفريق الصفقة كما مرت الإشارة إليه في فصلها، وإذا أجر ثلاث سنين ثم الثلاث الاخر قبل انقضاء الأولى لم يصح العقد الثاني كما أفتى به ابن الصلاح. وإن فرعنا على الأصح أن إجارة المدة المستقبلة من المستأجر صحيحة اتباعا لشرط الواقف، فإن المدتين المتصلتين كالمدة الواحدة، وإنما أبطلناه في الثاني دون الأول لانفراده. ولو شرط في وقفه أن لا يؤجر من متجره ونحو ذلك مما يكتب في كتب الأوقاف اتبع شرطه، قاله الأذرعي، قال: ولم أره نصا اه‍. وهو ظاهر، والظاهر كما في المطلب أن للموقوف عليه الاعراب. (و) الأصح (أنه إذا شرط) ابتداء (في وقف المسجد) بأن وقف شخص مكانا مسجدا وشرط فيه (اختصاصه بطائفة كالشافعية اختص) بهم، أي اتبع شرطه كما في المحرر كالروضة وأصلها، فلا يصلي ولا يعتكف فيه غيرهم. (كالمدرسة والرباط) إذا شرط في وقفهما اختصاصهما بطائفة اختصا بهم جزما. والثاني: لا يختص المسجد بهم، لأن جعل البقعة مسجدا كالتحرير فلا معنى لاختصاصه بجماعة. ولو خص
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429