ذكره الواقف وإلا فمنقطع الآخر. قال الأسنوي: والرافعي لم يمعن النظر في هذه المسألة، فإنه نقل الترتيب عن بعض أصحاب الإمام وهو مقطوع به في كلام الإمام نفسه. وعد جماعة من الأصحاب القائلين بالترتيب، ثم قال: وما ذكره الشيخان من اقتضاء التسوية باطل من جهة البحث أيضا، فإن لفظة بعد في اقتضاء الترتيب أصرح من ثم والفاء وغيرهما، وقد جزما باقتضاء الترتيب فما نحن فيه أولى. قال ابن العماد: وما قاله الأسنوي من أن بعد أصرح من ثم والفاء في الترتيب خطأ مخالف لنص القرآن العظيم، فقد قال تعالى: * (ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم) * قال المفسرون: أي مع ما ذكر من أوصافه زنيم، واستدل بغير ذلك من القرآن ومن كلام العرب. والمقصود من ذلك إنما هو إظهار الحق، لأن العلماء أئمة الهدى وبهم نقتدي، فلا يظن فيهم غير ذلك، فظهر بهذا أن ما جرى عليه الشيخان هو المعتمد. فإن قيل: قد صرحا في باب الطلاق بأنه لو قال لزوجته غير المدخول بها: أنت طالق طلقة بعدها طلقة أنها تبين بالأولى ولا تقع الثانية، ولو كانت بعد بمعنى مع وقع طلقتان، كما لو قال: طلقة معها طلقة. أجيب بأن قوله: بطنا بعد بطن تقدم عليه ما هو صريح في التعميم وهو: وقفت على أولادي إلخ وتعقيبه بالبعدية ليس صريحا في الترتيب، وإنما القصد به إدخال سائر البطون حتى لا يصير الوقف منقطع الآخر.
تنبيه: قوله بطنا منصوب على الحال بمعنى مر تبين، ويجوز رفعه مبتدأ ومسوغه وصف محذوف تقديره منهم ، فهو كقوله تعالى: * (وطائفة) * أي منهم، وانتصاب بعد على أنه ظرف لمحذوف أي كائنا بطن. (ولو قال:) وقفت كذا (على أولادي ثم أولاد أولادي ثم أولادهم ما تناسلوا أو) قال: وقفت كذا (على أولادي وأولاد أولادي الاعلى فالأعلى) منهم، (أو الأول فالأول) منهم، أو الأقرب فالأقرب منهم، (فهو للترتيب) فيما ذكر لدلالة اللفظ عليه، فلا يأخذ بطن وهناك بطن أقرب منه آخر كما صرح به البغوي وغيره.
تنبيه: لا وجه لتخصيص ما تناسلوا بالأولى مع أنه لا حاجة إليه فيها، بل إن ذكره فيها وفي البقية لم يكن التأبيد والترتيب خاصين بالطبقتين الأولتين، وإلا اختصا بهما كما صرح به القاضي وغيره ويكون بعدهما منقطع الآخر.
قال السبكي: وقد يتوقف في الصورة الأولى بعد البطن الثالث لعدم ذكر ثم فيه، إلا أن يقال قوله: ما تناسلوا يقتضي التعميم بالصفة المتقدمة وهي تقديم الأولاد ثم أولادهم على غيرهم فيتم ذلك في كل بطن، ولا بأس به اه. وقد مرت الإشارة إلى ذلك. ولو جاء ب ثم للبطن الثاني وبالواو فيما بعده من البطون، كأن قال: وقفت على أولادي ثم أولاد أولادي وأولاد أولاد أولادي كان الترتيب للبطن الثاني دونهم عملا ب ثم وبالواو فيهم، وإن عكس بأن جاء بالواو في البطن الثاني وب ثم فيما جاء بعده كان الترتيب لهم دونه . تنبيه: قوله: الأول فالأول بكسر اللام فيهما بخطه، وهو إما على البدل وإما على إضمار فعل أي: وقفته على الأول فالأول. (ولا يدخل أولاد الأولاد في الوقف على الأولاد في الأصح) المنصوص عليه في البويطي، لأنه لا يقع عليه اسم الولد حقيقة، إذ يصح أن يقال في ولد ولد الشخص ليس ولده. والثاني: يدخلون، لقوله تعالى: * (يا بني آدم) *. وقوله (ص):
ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا. فإن قيل: كان ينبغي ترجيح هذا على قاعدة الشافعي في حمل اللفظ على حقيقته ومجازه. أجيب بأن شرطه على قاعدة إرادة المتكلم له، والكلام هنا عند الاطلاق. والثالث: يدخل أولاد البنين لانتسابهم إليه. قال (ص): أنا ابن عبد المطلب دون أولاد البنات.
تنبيه: محل الخلاف إذا وجد النوعان، فلو قال: وقفت على أولادي ولم يكن له إلا أولاد أولاد حمل اللفظ عليهم لوجود القرينة وصيانة لكلام المكلف عن الالغاء، فلو حدث له ولد فالظاهر كما قال شيخنا الصرف له لوجود الحقيقة وأنه يصرف لهم معه كالأولاد في الوقف، ويحتمل أن يختص بذلك، وإلا وجه الأول، ومحله عند الاطلاق، فلو أراد جميعهم دخل أولاد الأولاد قطعا، أو قال: وقفت على أولادي لصلبي لم يدخلوا قطعا. ولو قال: وقفت على أولادي