مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٨٧
ذكره الواقف وإلا فمنقطع الآخر. قال الأسنوي: والرافعي لم يمعن النظر في هذه المسألة، فإنه نقل الترتيب عن بعض أصحاب الإمام وهو مقطوع به في كلام الإمام نفسه. وعد جماعة من الأصحاب القائلين بالترتيب، ثم قال: وما ذكره الشيخان من اقتضاء التسوية باطل من جهة البحث أيضا، فإن لفظة بعد في اقتضاء الترتيب أصرح من ثم والفاء وغيرهما، وقد جزما باقتضاء الترتيب فما نحن فيه أولى. قال ابن العماد: وما قاله الأسنوي من أن بعد أصرح من ثم والفاء في الترتيب خطأ مخالف لنص القرآن العظيم، فقد قال تعالى: * (ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم) * قال المفسرون: أي مع ما ذكر من أوصافه زنيم، واستدل بغير ذلك من القرآن ومن كلام العرب. والمقصود من ذلك إنما هو إظهار الحق، لأن العلماء أئمة الهدى وبهم نقتدي، فلا يظن فيهم غير ذلك، فظهر بهذا أن ما جرى عليه الشيخان هو المعتمد. فإن قيل: قد صرحا في باب الطلاق بأنه لو قال لزوجته غير المدخول بها: أنت طالق طلقة بعدها طلقة أنها تبين بالأولى ولا تقع الثانية، ولو كانت بعد بمعنى مع وقع طلقتان، كما لو قال: طلقة معها طلقة. أجيب بأن قوله: بطنا بعد بطن تقدم عليه ما هو صريح في التعميم وهو: وقفت على أولادي إلخ وتعقيبه بالبعدية ليس صريحا في الترتيب، وإنما القصد به إدخال سائر البطون حتى لا يصير الوقف منقطع الآخر.
تنبيه: قوله بطنا منصوب على الحال بمعنى مر تبين، ويجوز رفعه مبتدأ ومسوغه وصف محذوف تقديره منهم ، فهو كقوله تعالى: * (وطائفة) * أي منهم، وانتصاب بعد على أنه ظرف لمحذوف أي كائنا بطن. (ولو قال:) وقفت كذا (على أولادي ثم أولاد أولادي ثم أولادهم ما تناسلوا أو) قال: وقفت كذا (على أولادي وأولاد أولادي الاعلى فالأعلى) منهم، (أو الأول فالأول) منهم، أو الأقرب فالأقرب منهم، (فهو للترتيب) فيما ذكر لدلالة اللفظ عليه، فلا يأخذ بطن وهناك بطن أقرب منه آخر كما صرح به البغوي وغيره.
تنبيه: لا وجه لتخصيص ما تناسلوا بالأولى مع أنه لا حاجة إليه فيها، بل إن ذكره فيها وفي البقية لم يكن التأبيد والترتيب خاصين بالطبقتين الأولتين، وإلا اختصا بهما كما صرح به القاضي وغيره ويكون بعدهما منقطع الآخر.
قال السبكي: وقد يتوقف في الصورة الأولى بعد البطن الثالث لعدم ذكر ثم فيه، إلا أن يقال قوله: ما تناسلوا يقتضي التعميم بالصفة المتقدمة وهي تقديم الأولاد ثم أولادهم على غيرهم فيتم ذلك في كل بطن، ولا بأس به اه‍. وقد مرت الإشارة إلى ذلك. ولو جاء ب‍ ثم للبطن الثاني وبالواو فيما بعده من البطون، كأن قال: وقفت على أولادي ثم أولاد أولادي وأولاد أولاد أولادي كان الترتيب للبطن الثاني دونهم عملا ب‍ ثم وبالواو فيهم، وإن عكس بأن جاء بالواو في البطن الثاني وب‍ ثم فيما جاء بعده كان الترتيب لهم دونه . تنبيه: قوله: الأول فالأول بكسر اللام فيهما بخطه، وهو إما على البدل وإما على إضمار فعل أي: وقفته على الأول فالأول. (ولا يدخل أولاد الأولاد في الوقف على الأولاد في الأصح) المنصوص عليه في البويطي، لأنه لا يقع عليه اسم الولد حقيقة، إذ يصح أن يقال في ولد ولد الشخص ليس ولده. والثاني: يدخلون، لقوله تعالى: * (يا بني آدم) *. وقوله (ص):
ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا. فإن قيل: كان ينبغي ترجيح هذا على قاعدة الشافعي في حمل اللفظ على حقيقته ومجازه. أجيب بأن شرطه على قاعدة إرادة المتكلم له، والكلام هنا عند الاطلاق. والثالث: يدخل أولاد البنين لانتسابهم إليه. قال (ص): أنا ابن عبد المطلب دون أولاد البنات.
تنبيه: محل الخلاف إذا وجد النوعان، فلو قال: وقفت على أولادي ولم يكن له إلا أولاد أولاد حمل اللفظ عليهم لوجود القرينة وصيانة لكلام المكلف عن الالغاء، فلو حدث له ولد فالظاهر كما قال شيخنا الصرف له لوجود الحقيقة وأنه يصرف لهم معه كالأولاد في الوقف، ويحتمل أن يختص بذلك، وإلا وجه الأول، ومحله عند الاطلاق، فلو أراد جميعهم دخل أولاد الأولاد قطعا، أو قال: وقفت على أولادي لصلبي لم يدخلوا قطعا. ولو قال: وقفت على أولادي
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429