مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٥
إسكان هذه الدار لفقير فله أن يسكنها من شاء من الفقراء، وإذا سكنها فقير مدة فله أن يخرجه ويسكن غيره لمصلحة ولغير مصلحة وليس تعيينه لذلك يصيره كأنه مراد الواقف حتى يمتنع تغييره وبسط في ذلك - فإن قيل في زوائد الروضة قبيل باب القسمة عن الماوردي أنه إذا أراد ولى الامر إسقاط بعض الأجناد المثبتين في الديوان بسبب جاز، أو بغير سبب فلا وإذا كان هذا في النظر العام ففي النظر الخاص المقتضى للاحتياط أولي. أجيب بأن الأجناد المثبتين في الديوان قد ربطوا أنفسهم على الجهاد، وهو من فروض الكفايات، ومن شرع فيه أو ربط نفسه عليه لا يجوز إخراجه بغير سبب بخلاف الوقف فإنه خارج عن فروض الكفايات. وقال البلقيني: عزل الناظر للمدرس من غير طريق مسوغ لا ينفذ ويكون قادحا في نظره. وقال الزركشي في خادمه: لا يبعد أن ينفد وإن كان عزله غير جائز وقال في شرحه على المنهاج في باب القضاء: لا ينعزل أصحاب الوظائف الخاصة كالإمامة والأقراء والتصوف والتدريس والطلب والنظر من غير سبب كما أفتى به كثير من المتأخرين منهم ابن رزين، فقال: من تولي تدريسا لا يجوز عزله بمثله ولا بدونه ولا ينعزل بذلك اه‍ وهذا هو الظاهر، ثم استثنى المصنف من جواز العزل قوله (إلا أن يشرط) الواقف لشخص (نظره حال الوقف) فليس له عزله ولو لمصلحة لأنه لا تغيير لما شرط كما ليس لغيره ذلك، ولأنه لا نظر له حينئذ وليس له عزل من شرط تدريسه أو فوض إليه حال الوقف ولو لمصلحة، كما لو وقف على أولاده الفقراء لا يجوز تبديلهم بالأغنياء، بخلاف من جعل له ذلك بعد تمام الوقف فإن له عزله كما نقله الشيخان عن فتاوى البغوي وأقراه، لكن ينبغي كما قال شيخنا تقييده في تفويض التدريس بما إذا كانت جنحة، ولو عزل الناظر بالشرط نفسه أو فسق فتولية غيره إلى الحاكم لا إلى الواقف، إذ لا نظر له بعد أن جعل النظر في حال الوقف لغيره، فإن شرط النظر حال الوقف لزيد بعد انتقال الوقف من عمرو إلى الفقراء، فعزل زيد نفسه من النظر، أو استناب فيه غيره قبل انتقال الوقف من عمرو إلى الفقراء، لم يصح العزل ولا الاستنابة، لأنه غير ناظر في الحال، ولا يملك الوقاف عزل زيد في الحال ولا من بعده كما علم مما مر (وإذا أجر الناظر) لاعين الموقوفة على غيره مدة بأجرة مثله (فزادت الأجرة في المدة أو ظهر طالب بالزيادة) عليها (لم ينفسخ العقد في الأصح) لأن العقد قد جرى بالغبطة في وقه فأشبه ما إذا باع الولي مال الطفل ثم ارتفعت القيم بالأسواق، أو ظهر طالب بالزيادة. والثاني ينفسخ إذا كان للزيادة وقع والطلب ثقة لتبين وقوعه على خلاف الغبطة. أما إذا أجر العين الموقوفة عليه فإنه يصح قطعا ولو بدون أجرة المثل كما لو أجر المطلق به أو أجر الناظر الموقوف على غيره بدون أجرة المثل فإنه لا يصح قطعا، وأفتى ابن الصلاح فيما إذا أجر الناظر الوقف مدة معلومة بأجرة معلومة وشهد شاهدان أنها أجرة المثل حالة العقد، ثم تغيرت الأحوال وطرأت أسباب توجب زيادة أجرة المثل أنه يتبين بطلان العقد، ويتبين خطأ الشاهدين بأجرة المثل، لأن تقويم المنافع في مدة ممتدة، إنما يصح إذا استمر الحال الموجودة حالة التقويم التي هي حالة العقد وليس هذا التقويم كتقويم السعلة الحاضرة. قال الأذرعي: وهذا مشكل جدا، والذي يقع في النفس إنما ينظر إلى أجرة المثل التي تنتهى إلهيا الرغبات حالة العقد في جميع المدة المعقود عليها مع قطع النظر عما عساه يتجدد لأن ذلك يؤدى إلى سد باب إجارة الأوقاف والزهادة فيها لأن الدنيا لا تبقى على حالة واحدة وأطال في رد ذلك وما قاله لاخفاء فيه.
(خاتمة) نفقة الموقوف ومؤن تجهيزه وعمارته من حيث شرطها الواقف من ماله أو من ماله الوقف، وإلا فمن منافع الموقوف، ككسب العبد وغلة العقار، فإذا تعطلت منافعه فالنفقة ومؤن التجهيز لا العمارة في بيت المال، ولو اندرس شرط الواقف وجهل الترتيب بين أرباب الوقف أو المقادير، بأن لم يعلم هل سوى الواقف بينهم أو فاضل قسمت اللغة بينهم بالسوية لعدم الأولوية، وإذا تنازعوا في شرط ولا بينة، ولأحدهم يد صدق بيمينه لاعتضاد دعواه باليد فإن كان الواقف حيا عمل بقوله بلا يمين، أو ميتا فوارثه، فإن لم يكن فناظره من جهة الواقف لا المنصوب من جهة
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429