مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٤
واشترطي لهم الولاء بمعنى عليهم، كما في قوله تعالى: * (وإن أسأتم فلها) *. وشرط الولاء لأجنبي أولى بالبطلان. وأما في الباقي فلانه لم يحصل في واحد منه ما تشوف إليه الشارع من العتق الناجز، والثاني: يصح البيع ويبطل الشرط ، واشتراط الوقف كاشتراط التدبير ونحوه. واحترز بقوله: مع العتق عما إذا شرط الولاء فقط بأن قال: إن أعتقه فولاؤه لي فإن البيع باطل قطعا، لأن الولاء تابع للعتق وهو لم يشترط الأصل. ولو باع رقيقا بشرط أن يبيعه المشتري بشرط الاعتاق لم يصح البيع، وكذا لو اشترى دارا بشرط أن يقفه أو ثوبا بشرط أن يتصدق به لأن ذلك ليس في معنى ما ورد به الشرع. (ولو شرط مقتضى العقد كالقبض والرد بعيب أو) شرط (ما لا غرض فيه، كشرط أن لا يأكل إلا كذا) كهريسة، أو لا يلبسه إلا كذا كحرير، (صح) العقد فيهما. أما في الأولى فلان اشتراطه تأكيد وتنبيه على ما أوجبه الشارع عليه، وأما في الثانية فلان ذكره لا يورث تنازعا في الغالب فذكره فيها لغو، وهذا ما جزم به في المجموع ونقله في أصل الروضة عن الامام والغزالي، ثم قال: لكن في التتمة أنه لو شرط إلزام ما ليس بلازم كما لو باع بشرط أن يصلي النوافل، أو يصوم شهرا غير رمضان، أو يصلي الفرائض في أول أوقاتها فسد العقد لأنه إلزام ما ليس بلازم، قال: وقضيته فساد العقد في مسألة الهريسة والحرير. قال الأسنوي: ومقتضاه أنه لم يجد تصريحا بالبطلان، وإنما يؤخذ من مقتضى كلام التتمة. وهو عجيب، فقد نص عليه الشافعي في الام، فقال: وإذا باعه العبد على أن لا يبيعه من فلان أو على أن يبيعه منه أو على أن لا يستخدمه أو على أن ينفق عليه كذا وكذا فالبيع فاسد. فتلخص أن مذهب الشافعي في اشتراط ما لا غرض فيه البطلان وأن الرافعي لم يطلع فيه إلا على كلام بعض المتأخرين المعدودين في المصنفين لا في أصحاب الوجوه. قال: وقد اختار ابن الصلاح وابن الرفعة في لا يأكل إلا الهريسة أن يقرأ بتاء الخطاب، فإنه حينئذ لا غرض فيه أصلا، بخلاف ما إذا قرئ بالياء آخر الحروف فقد يتخيل فيه الافساد لأنه ينفع العبد كالاعتاق. وما قالاه بعيد عن السياق لكنه صحيح نقلا كما بينته. وأجا ب عن ذلك الزركشي بأن ما في التتمة محله فيما لا يلزم السيد أصلا ومسألتنا محلها فيما يلزمه في الجملة، إذ نفقة الرقيق مقدرة بالكفاية، وقد شرط عليه أداؤها من أحد الأنواع التي تتأدى هي ببعضها فيصح، ولا يلزمه الوفاء به لأن الواجب أحدها، فأشبه خصال الكفارة لا يتعين أحدها بالتعيين. قال: وأما قوله في الام على أن ينفق عليه كذا وكذا ففيه إشارة إلى التقدير بقدر معلوم وإلى أنه يجمع له بين أدمين أو نوعين من الأطعمة، وذلك لا يلزم السيد فإذا شرط فقد شرط ما لا يلزمه وهو مخالف لمقتضى العقد فأبطله. قال: وفي التمثيل ببيع الحرير نظر إذا كان العبد بالغا فينبغي أن لا يصح البيع، كما لو باع سيفا بشرط أن يقطع به الطريق. وأجا ب عنه شيخي بأن لبس الحرير جائز في الجملة بخلاف المنظر به. قال البغوي: ولو باعه إناء بشرط أن لا يجعل فيه محرما أو سيفا بشرط أن لا يقطع به الطريق أو عبدا بشرط أن لا يعاقبه بما لا يجوز صح البيع، ويقاس به ما يشابهه. ولو قال: بعتك الدار على أن لك نصفها بألف صح كما لو قال: بعتكها بألف إلا نصفها. (ولو شرط) البائع بموافقة المشتري حبس المبيع بثمن في الذمة حتى يستوفي الزمن الحال لا المؤجل وخاف فوت الثمن بعد التسليم ولم يقل بالبداءة بالبائع صح، لأن حبسه من مقتضيات العقد، بخلاف ما إذا كان مؤجلا أو حالا ولم يخف فوته بعد التسليم، لأن البداءة حينئذ بالتسليم للبائع. (ولو شرط وصفا يقصد ككون العبد كاتبا أو الدابة) أو الأمة (حاملا أو) الدابة (لبونا) أي ذات لبن، (صح) العقد مع الشرط، لأنه شرط يتعلق بمصلحة العقد، وهو العلم بصفات المبيع التي تختلف بها الأغراض، ولأنه التزم موجودا عند العقد، ولا يتوقف التزامه على إنشاء أمر مستقبل فلا يدخل في النهي عن بيع وشرط، وإن سمى شرطا تجوزا فإن الشرط لا يكون إلا مستقبلا، ويكفي في الصفة المشروطة ما يطلق عليها الاسم. نعم لو شرط حسن الخط. فإن كان غير مستحسن في العرف فله الخيار وإلا فلا، قاله المتولي. ولو شرط وضع الحمل لشهر مثلا أو أنها نذر كل يوم صاعا مثلا لم يصح لأن ذلك غير مقدور عليه فيهما وغير منضبط في الثانية،
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429