مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٣
استند إلى سبب سابق جهله كردة وسرقة سابقين فيثبت له الخيار، بخلاف ما لو مات بمرض سابق. ولو تغير حال الكفيل بإعسار أو غيره قبل أن يتكفل أو تبين أنه كان قد تغير قبله فالقياس كما قال الأسنوي إلحاقه بالرهن. ولو علم المرتهن بالعيب بعد هلاك المرهون فلا خيار له، لأن الفسخ إنما يثبت إذا أمكنه رد المرهون كما أخذه. نعم إن كان الهلاك يوجب القيمة فأخذها المرتهن رهنا ثم علم بالعيب فله الخيار كما جزم به الماوردي. (ولو باع) رقيقا (عبدا) أو أمة (بشرط إعتاقه) مطلقا أو عن المشتري، (فالمشهور صحة البيع والشرط) لتشوف الشارع إلى العتق، ولخبر الصحيحين: أن عائشة رضي الله تعالى عنها اشترت بريرة وشرط مواليها أن تعتقها ويكون ولاؤها لهم، فلم ينكر (ص) إلا شرط الولاء لهم بقوله: ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. والثاني: لا يصحان كما لو شرط بيعه أو هبته. والثالث: يصح البيع ويبطل الشرط كما في النكاح. أما إذا شرط إعتاقه عن البائع أو أجنبي فإنه لا يصح لأنه ليس في معنى ما ورد به الخبر. وخرج بإعتاق المبيع شرط إعتاق غيره، فلا يصح معه البيع لأنه ليس من مصالحه وشرط اعتقاد بعضه. نعم إن عين المقدار المشروط فالمتجه كما قال شيخنا الصحة، ولو باع بعضه بشرط إعتاق ذلك البعض صح كما هو قضية كلام البهجة كالحاوي.
ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو كان المشروط إعتاقه قريبه الذي يعتق عليه بالشراء كأبيه أو ابنه، فإن البيع لا يصح لتعذر الوفاء بالشرط لأنه يعتق عليه قيل إعتاقه، وهذا هو المعتمد وإن قال في المجموع وفيه نظر، ويحتمل الصحة ويكون شرطه توكيدا للمعنى. قال الأذرعي: والظاهر أن شراء من أقر بحريته بشرط العتق كشراء القريب، ويحتمل الفرق بينهما اه‍. والأول أظهر للعلة المذكورة. (والأصح) على الأول (أن للبائع مطالبة المشتري بالاعتاق) وإن قلنا الحق فيه ليس له بل لله تعالى، وهو الأصح، كالملتزم بالنذر لأنه ألزم باشتراطه، ويثاب على شرطه فله غرض في تحصيله، ولذلك قد يتسامح في الثمن. قال الأذرعي: ولم لا يقال للآحاد المطالبة حسية، لا سيما عند موت البائع أو جنونه؟ والثاني: ليس له مطالبته لأنه لا ولاية له في حق الله تعالى. فإن قلنا: العتق حق للبائع فله المطالبة قطعا ولو أسقط البائع حقه سقط على المذهب كما لو شرط رهنا أو كفيلا ثم عفا عنه، ولو امتنع المشتري من الاعتاق أجبره الحاكم عليه، لأن الحق فيه لله تعالى كما مر، فإن أصر على الامتناع أعتقه الحاكم عليه كما قاله القاضي والمتولي، وقيل: يحبسه حتى يعتقه. أما إذا قلنا الحق فيه للبائع لم يجبره بل يثبت للبائع الخيار، وإذا أعتقه المشتري أو الحاكم عنه فالولاء له. وإن قلنا الحق فيه للبائع وللمشتري قبل العتق استخدامه وإكسابه وقيمته إن قتل ولا يكلف صرفها إلى عتق غيره، ولو كان المشترى أمة كان له وطؤها على الأصح، فإن أولدها لم يجزه عن الاعتاق بل عليه إعتاقها، وليس له البيع ولو بشرط الاعتاق لأن عتقه متعين عليه ولا الإجارة على الأصح في المجموع. ولو جنى قبل إعتاقه لزمه فداؤه كأم الولد، ولو أعتقه عن كفارته لم يجزه عنها وإن أذن له فيه البائع لاستحقاقه العتق بجهة الشرط فلا يصرف إلى غيرها كما لا يعتق المنذور عن الكفارة. وبما تقرر علم أنه لا يلزمه الاعتاق فورا، وإنما يلزمه إذا طلبه منه الحاكم أو البائع أو ظن فواته لو لم يأت به، فلو مات المشتري قبل إعتاقه فالقياس أن وارثه يقوم مقامه. هذا ظاهر في غير من استولدها، أما من استولدها فينبغي أنها تعتق بموته، ولا ينافي ذلك قولهم: إن الاستيلاد لا يجزئ لأنه ليس بإعتاق، إذ معناه أنه لا يسقط عنه طلب العتق لا أنها لا تعتق بموته لأن الشارع متشوف إلى العتق ما أمكن، والحق في ذلك لله تعالى لا للبائع على المعتمد فعتقها بموته أولى من أن نأمر الوارث ليعتقها. ولو شرط عتق حامل فولدت ثم أعتقها لم يعتق الولد على الأصح في المجموع لانقطاع التبعية بالولادة. (و) الأصح (أنه لو شرط مع العتق الولاء له) أي البائع، (أو شرط تدبيره) أو تعليق عتقه بصفة، (أو كتابته أو إعتاقه بعد شهر) مثلا، (لم يصح البيع) أما في الأولى فلمخالفته ما تقرر في الشرع من أن الولاء لمن أعتق. وأجاب الشافعي رحمه الله تعالى عن قوله (ص):
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429