مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٢
بذلك في شرح المهذب، فقال: وسواء أقال بعتكه بألف على أن تحصده أو وتحصده، وقال الشيخ أبو حامد: لا يصح الأول قط أو في الثاني الطريقان اه‍. ولم يتعرض الرافعي في كتبه إلى هذه الفائدة ولا المصنف في الروضة. ولو قال:
اشتريته بعشرة واستأجرتك لحصده أو خياطته بدرهم وقبل بأن قال: بعتك وأجرتك صح البيع دون الإجارة لأنه استأجره قبل الملك لمحل العمل، فإن اشتراه واستأجره بالعشرة فقولا تفريق الصفقة في البيع وتبطل الإجارة كما صرح به في المجموع. ولو اشترى حطبا مثلا على دابة بشرط إيصاله منزله لم يصح وإن عرف منزله لأنه بيع بشرط، فإن أطلق العقد صح، ولا يجب إيصاله منزله وإن اعتيد بل يسلمه له في موضعه. (ويستثنى) من النهي عن بيع وشرط (صور) تصح كما سيأتي، (كالبيع بشرط الخيار أو البراءة من العيب أو بشرط قطع الثمر) وسيأتي الكلام عليها في محالها، (أو) بشرط (الاجل) في عقد لا يشترط فيه الحلول والتقابض كالربويات، (والرهن والكفيل المعينات لثمن) أو مبيع (في الذمة) أما الاجل فلقوله تعالى: * (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) * أي معين. نعم التأجيل بما يستبعد بقاء الدنيا إليه كألف سنة فاسد كما قاله في زوائد الروضة. وأما الرهن والكفيل فللحاجة إليهما في معاملة من لا يرضى إلا بهما والتعيين في الرهن بالمشاهدة أو الوصف بصفات السلم، وفي الكفيل بالمشاهدة أو بالاسم والنسب، ولا يكفي الوصف كموسر ثقة، وبحث الرافعي الاكتفاء به وقال إنه أولى من الاكتفاء بمشاهدة من لا يعرف حاله. وأجيب عنه بأن الأحرار لا يمكن التزامهم في الذمة لعدم القدرة عليهم، بخلاف المرهون فإنه مال يثبت في الذمة، وهذا جرى على الغالب وإلا فقد يكون الضامن رقيقا. ويشترط أن يكون المرهون غير المبيع، فإن شرطا رهنه لم يصح، سواء اشترط أن يرهنه أباه بعد قبضه أم قبله لأنه لم يدخل في ملك المشتري إلا بعد الشرط، فإن رهنه بعد قبضه بلا شرط صح.
تنبيه: أشار المصنف بقوله: المعينات إلى تعيين الثلاثة، وكان الأولى أن يقول: المعينين تغليبا للعاقل، وهو الكفيل على غيره، ولو عبر بقوله: بعوض حتى يشمل المبيع لاستغنى عما قدرته، فإن المبيع قد يكون في الذمة أيضا كما لو قال: اشتريت منك صاعا في ذمتك بصفة كذا فيصح فيه اشتراط الاجل والرهن والكفيل. وخرج بقيد في الذمة المعين كما لو قال: بعتك بهذه الدراهم على أن تسلمها إلي وقت كذا أو ترهن بها كذا أو يضمنك بها فلان فإن العقد بهذا الشرط باطل لأنه رفق شرع لتحصيل الحق والمعين حاصل، فشرط كل من الثلاثة معه واقع في غير ما شرع له.
وأما صحة ضمان العوض المعين مشروط بقبضه كما سيأتي في محله وبالثمن، والمبيع ما لو شرط رهنا أو ضامنا بدين آخر فإنه لا يصح لأنه شرط مقصود لا يوجبه العقد، وليس من مصالحه. ويستثنى من إطلاقه الكفيل ما لو باع سلعة من اثنين وشرط أن يتضامنا فإنه لا يصح كما في تعليق القاضي حسين والوسيط وغيرهما، وعللوه بأنه شرط على المشتري أن يكون ضامنا لغيره، وهو باطل لخروجه عن مصلحة عقده بخلاف عكسه. (و) بشرط (الاشهاد) على الثمن أو المثمن سواء المعين وما في الذمة، لعموم قوله تعالى: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * وللحاجة إليه. (ولا يشترط تعيين الشهود في الأصح) لأن المقصود ثبوت الحق، وهو يثبت بأي عدول كانوا. والثاني: يشترط كما في الرهن والكفيل. وعلى الأول لو عينهم لم يتعينوا. ولا خيار لمن شرط له ذلك إذا امتنعوا فيجوز إبدالهم بمثلهم أو فوقهم في الصفات. (فإن لم) يشهد من شرط عليه الاشهاد كأن مات قبله، أو لم (يرهن) ما شرط رهنه كأن تلف المرهون أو أعتقه مالكه أو دبره أو بان معيبا قبل القبض، (أو لم يتكفل المعين) كأن مات قبله، (فللبائع الخيار) وإن شرط له أو شرط للمشتري فله إذا فات المشروط من جهة البائع لفوات المشروط، وهو على الفور لأنه خيار نقص. ولا يجبر من شرط عليه ذلك على القيام بما شرط لزوال الضرر بالفسخ، ولا يقوم غير المعين مقامه إذا تلف ولا خيار له إن تعيب بعد القبض إلا إن
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429