مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٧
جرى على الغالب، والمراد القادم ولو كان واحدا أو ماشيا. ثم شرع في الصورة الثالثة فقال: (والسوم على سوم غيره) لخبر:
لا يسوم الرجل على سوم أخيه وهو خبر بمعنى النهي، والمعنى فيه الايذاء، وذكر الرجل والأخ ليس للتقييد بل الأول لأنه الغالب. والثاني: للرأفة والعطف، فغيرهما مثلهما في ذلك، ولهذا قال المصنف: والسوم على سوم غيره، وإنما يحرم ذلك بعد استقرار الثمن) بالتراضي صريحا وقبل العقد، كأن يقول شخص لمن يريد شراء شئ بكذا: لا تأخذه وأنا أبيعك خيرا منه بهذا الثمن أو بأقل منه أو مثله بأقل أو يقول لمالكه: لا تبعه وأنا أشتريه منك بأكثر]، فإن لم يصرح له المالك بالإجابة بأن عرض بها أو سكت أو كانت الزيادة قبل استقرار الثمن، أو كان إذ ذاك ينادي عليه بطلب الزيادة لم يحرم ذلك لكن يكره فيما إذا عرض له بالإجابة. ثم شرع في الصورة الرابعة فقال: (والبيع على بيع غيره قبل لزومه) أي البيع بأن يكون في زمن خيار المجلس أو الشرط لتمكنه من الفسخ، أما بعد لزومه فلا معنى له. نعم لو اطلع بعد اللزوم على عيب ولم يكن التأخير مضرا، كأن كان في ليل، فاتجه كما قال الأسنوي التحريم لما ذكر. (بأن) أولى منه كأن، يأمر المشتري بالفسخ ليبيعه مثله) أي المبيع بأقل من هذا الثمن، أو خيرا منه بمثل ثمنه أو أقل. ثم شرع في الصورة الخامسة، فقال: (والشراء على الشراء) في زمن الخيار كما مر، (بأن) أولى منه كأن (يأمر البائع بالفسخ ليشتريه) بأكثر من ثمنه، وكلا الصورتين حرام ولو رأى المشتري في الأولى والبائع في الثانية مغبونا لعموم خبر الصحيحين: لا يبع بعضكم على بيع بعض زاد النسائي:
حتى يبتاع أو يذر، وفي معناه الشراء على الشراء، والمعنى فيهما الايذاء. وفي معنى البيع على البيع ما نص عليه الشافعي من نهي الرجل أن يبيع المشتري في مجلس العقد سلعة مثل التي اشتراها خشية أن يرد الأولى، ومثل خيار المجلس في ذلك خيار الشرط. وألحق الماوردي بالشراء على الشراء طلب السلعة من المشتري بزيادة ربح والبائع حاضر لأدائه إلى الفسخ أو الندم. ثم محل التحريم عند عدم الإذن، فلو أذن البائع في البيع على بيعه أو المشتري في الشراء على شرائه لم يحرم لأن الحق لهم وقد أسقطاه، ولمفهوم الخبر السابق، هذا كما قال الأذرعي إن كان الاذن مالكا، فإن كان وليا أو وصيا أو وكيلا أو نحوه فلا عبرة بإذنه إن كان فيه ضرر على المالك. ولا يشترط للتحريم تحقق ما وعد به من البيع أو الشراء لوجود الايذاء بكل تقدير خلافا لابن النقيب في اشتراطه.
تنبيه: الامر بالفسخ وقع في كتب الشيخين وغيرهما. قال السبكي: وليس الامر شرطا، والذي في كلام الأكثرين أن يعر ض عليه سلعة مثلها بأرخص أو أجود منها بمثل الثمن اه‍. وقد تقدم ما يدل على ذلك. ثم شرع في الصورة السادسة، فقال: (والنجش بأن يزيد في الثمن) للسلعة المعروضة للبيع (لا لرغبة) في شرائها (بل ليخدع غيره) فيشتريها للنهي عنه في خبر الصحيحين، والمعنى فيه الايذاء. (والأصح أنه لا خيار) للمشتري لتفريطه حيث لم يتأمل ولم يراجع أهل الخبرة، والثاني:
له الخيار للتدليس كالتصرية. ومحل الخلاف عنده مواطأة البائع للناجش وإلا فلا خيار جزما. ويجري الوجهان فيما لو قال البائع: أعطيت في هذه السلعة كذا فبان خلافه، وكذا لو أخبره عارف بأن هذا عقيق أو فيروزج بمواطأة فاشتراه، ثم بان خلافه.
تنبيه: قوله ليخدع غيره قد يوهم أنه لو زاد ليساوي قيمة السلعة أنه يجوز، وجرى على ذلك بعض الشراح، والمتجه التحريم لايذاء المشتري، ولعموم قوله (ص): دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. ثم شرع في الصورة السابعة، فقال: (وبيع الرطب والعنب) ونحوهما كتمر وزبيب (لعاصر الخمر) والنبيذ، أي لمتخذها لذلك بأن
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429