جرى على الغالب، والمراد القادم ولو كان واحدا أو ماشيا. ثم شرع في الصورة الثالثة فقال: (والسوم على سوم غيره) لخبر:
لا يسوم الرجل على سوم أخيه وهو خبر بمعنى النهي، والمعنى فيه الايذاء، وذكر الرجل والأخ ليس للتقييد بل الأول لأنه الغالب. والثاني: للرأفة والعطف، فغيرهما مثلهما في ذلك، ولهذا قال المصنف: والسوم على سوم غيره، وإنما يحرم ذلك بعد استقرار الثمن) بالتراضي صريحا وقبل العقد، كأن يقول شخص لمن يريد شراء شئ بكذا: لا تأخذه وأنا أبيعك خيرا منه بهذا الثمن أو بأقل منه أو مثله بأقل أو يقول لمالكه: لا تبعه وأنا أشتريه منك بأكثر]، فإن لم يصرح له المالك بالإجابة بأن عرض بها أو سكت أو كانت الزيادة قبل استقرار الثمن، أو كان إذ ذاك ينادي عليه بطلب الزيادة لم يحرم ذلك لكن يكره فيما إذا عرض له بالإجابة. ثم شرع في الصورة الرابعة فقال: (والبيع على بيع غيره قبل لزومه) أي البيع بأن يكون في زمن خيار المجلس أو الشرط لتمكنه من الفسخ، أما بعد لزومه فلا معنى له. نعم لو اطلع بعد اللزوم على عيب ولم يكن التأخير مضرا، كأن كان في ليل، فاتجه كما قال الأسنوي التحريم لما ذكر. (بأن) أولى منه كأن، يأمر المشتري بالفسخ ليبيعه مثله) أي المبيع بأقل من هذا الثمن، أو خيرا منه بمثل ثمنه أو أقل. ثم شرع في الصورة الخامسة، فقال: (والشراء على الشراء) في زمن الخيار كما مر، (بأن) أولى منه كأن (يأمر البائع بالفسخ ليشتريه) بأكثر من ثمنه، وكلا الصورتين حرام ولو رأى المشتري في الأولى والبائع في الثانية مغبونا لعموم خبر الصحيحين: لا يبع بعضكم على بيع بعض زاد النسائي:
حتى يبتاع أو يذر، وفي معناه الشراء على الشراء، والمعنى فيهما الايذاء. وفي معنى البيع على البيع ما نص عليه الشافعي من نهي الرجل أن يبيع المشتري في مجلس العقد سلعة مثل التي اشتراها خشية أن يرد الأولى، ومثل خيار المجلس في ذلك خيار الشرط. وألحق الماوردي بالشراء على الشراء طلب السلعة من المشتري بزيادة ربح والبائع حاضر لأدائه إلى الفسخ أو الندم. ثم محل التحريم عند عدم الإذن، فلو أذن البائع في البيع على بيعه أو المشتري في الشراء على شرائه لم يحرم لأن الحق لهم وقد أسقطاه، ولمفهوم الخبر السابق، هذا كما قال الأذرعي إن كان الاذن مالكا، فإن كان وليا أو وصيا أو وكيلا أو نحوه فلا عبرة بإذنه إن كان فيه ضرر على المالك. ولا يشترط للتحريم تحقق ما وعد به من البيع أو الشراء لوجود الايذاء بكل تقدير خلافا لابن النقيب في اشتراطه.
تنبيه: الامر بالفسخ وقع في كتب الشيخين وغيرهما. قال السبكي: وليس الامر شرطا، والذي في كلام الأكثرين أن يعر ض عليه سلعة مثلها بأرخص أو أجود منها بمثل الثمن اه. وقد تقدم ما يدل على ذلك. ثم شرع في الصورة السادسة، فقال: (والنجش بأن يزيد في الثمن) للسلعة المعروضة للبيع (لا لرغبة) في شرائها (بل ليخدع غيره) فيشتريها للنهي عنه في خبر الصحيحين، والمعنى فيه الايذاء. (والأصح أنه لا خيار) للمشتري لتفريطه حيث لم يتأمل ولم يراجع أهل الخبرة، والثاني:
له الخيار للتدليس كالتصرية. ومحل الخلاف عنده مواطأة البائع للناجش وإلا فلا خيار جزما. ويجري الوجهان فيما لو قال البائع: أعطيت في هذه السلعة كذا فبان خلافه، وكذا لو أخبره عارف بأن هذا عقيق أو فيروزج بمواطأة فاشتراه، ثم بان خلافه.
تنبيه: قوله ليخدع غيره قد يوهم أنه لو زاد ليساوي قيمة السلعة أنه يجوز، وجرى على ذلك بعض الشراح، والمتجه التحريم لايذاء المشتري، ولعموم قوله (ص): دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. ثم شرع في الصورة السابعة، فقال: (وبيع الرطب والعنب) ونحوهما كتمر وزبيب (لعاصر الخمر) والنبيذ، أي لمتخذها لذلك بأن