مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٣
* (ومن لم يطعمه فإنه مني) * بخلاف الماء الملح فإنه ليس بربوي، وأورد الأسنوي على المصنف الحلوي، قال في الغنية : وهو غلط صدر عن ظن أن المراد بقوله تفكها الفاكهة التي هي الثمر. وأسقط المصنف الادم وقد ذكره في الايمان، واستشكل الفرق بين البابين لأنا إن نظرنا إلى اللغة اتحد الموضعان، أو إلى العرف فأهله لا يسمون الفاكهة والحلوى طعاما، ويمكن دخول الادم في التفكه. واعلم أن كل شيئين جمعهما اسم خاص من أول دخولهما في الربا يشتركان في ذلك الاسم بالاشتراك المعنوي كالتمر المعقلي بفتح الميم وإسكان العين المهملة نوع من التمر معروف بالبصرة وغيرها منسوب إلى معقل بن يسار الصحابي رضي الله عنه، والبرني كما قال صاحب المحكم: هو ضرب من التمر أصفر مدور واحدته برنية ، وهو أجود التمر فهما جنس واحد، وأنواع التمر كثيرة جدا، قال الجويني: كنت بالمدينة فدخل بعض أصدقائي فقال : كنا عند الأمير فتذاكروا أنواع تمر المدينة فبلغت أنواع الأسود ستين نوعا. وما ليس كذلك كالحنطة والشعير فهما جنسان، واحترز بالخاص عن العام كالحب فإنه يتناول سائر الحبوب وبأول دخولهما في الربا عن الأدقة فإنها اشتركت في اسم خاص، والتمييز بينها يحصل بالإضافة، ومع ذلك فهي أجناس لأنها دخلت في الربا قبل اشتراكها في هذا الاسم الخاص، وبالاشتراك المعنوي عن البطيخ الهندي مع الأصفر فإنهما جنسان على الأصح، وكذلك التمر والجوز الهنديان مع التمر والجوز المعروفين، فإن إطلاق الاسم عليهما ليس لقدر مشترك بينهما، أي ليس موضوعا لحقيقة واحدة بل لحقيقتين مختلفتين. وهذا الضابط كما قال الأسنوي أولى ما قيل، ولم يذكره الرافعي، ومع ذلك فإنه ينتقض باللحوم والألبان على أصح القولين أنها أجناس كأصولها، وعلى القول الآخر بأنها جنس لا نقض. وحيث اشترط التقابض فتفرقا قبله بطل العقد إن تفرقا عن تراض وإلا فلا يبطل، لأن تفرقهما حينئذ كلا تفرق، وهذا هو المعتمد خلافا لما نقله السبكي عن الصيمري من أنه لا فرق بين المختار والمكره. والتخاير وهو إلزام العقد قبل التقابض كالتفرق قبله في أنه يبطل العقد الربوي سواء أتقابضا قبل التفرق أم لا، وما ذكر في باب الخيار من أنهما لو تقابضا قبل التفرق لم يبطل ضعيف كما قاله شيخي، بل قال الأذرعي: إنه مفرع على رأي ابن سريج وهو أنه لا يرى أن التخاير بمنزلة التفرق.
ولو قبض كل منهما المبعض ففيما قبض قولا تفريق الصفقة ويبطل العقد فيما لم يقبض. ولو اشترى من غيره نصفا شائعا من دينار قيمته عشرة دراهم بخمسة دراهم أصح ويسلمه البائع إليه ليقبض النصف، ويكون النصف الثاني في يده أمانة، بخلاف ما لو كان له عليه عشرة دراهم فأعطاه عشرة فوجدت زائدة الوزن فإنه يضمن الزائد للمعطي لأنه قبضه لنفسه، فإن أقرضه البائع في صورة الشراء تلك الخمسة بعد أن قبضها منه فاشترى بها النصف الآخر من الدينار جاز كغيرها، وإن اشترى كل الدينار من غيره بعشرة وسلمه منها خمسة ثم استقرضها منه ثم ردها إليه عن الثمن بطل العقد في الخمسة الباقية كما رجحه ابن المقري في روضه لأن التصرف مع العاقد في زمن الخيار إجازة، وقد تقدم أنها كالتفرق فكأنهما تفرقا قبل التقابض، ولا يقال تصرف البائع فيما قبضه من الثمن في زمن الخيار باطل لأن محله مع الأجنبي، أما مع العاقد فصحيح. (وأدقة الأصول المختلفة الجنس وخلولها وأدهانها) بالرفع عطفا على أدقة، (أجناس) لأنها فروع أصول مختلفة فأعطيت حكم أصولها، فيجوز بيع دقيق البر بدقيق الشعير، وخل التمر بخل العنب متفاضلين. واعلم أن كل خلين لا ماء فيهما واتحد جنسهما اشترط التماثل وإلا فلا، وكل خلين فيهما ماء لا يباع أحدهما بالآخر إن كانا من جنس واحد وإن كانا من جنسين وقلنا الماء العذب ربوي وهو الأصح كما مر لم يجز وإلا جاز، وإن كان الماء في أحدهما وهما جنسان كخل العنب بخل التمر وخل الرطب بخل الزبيب جاز لأن الماء في أحد الطرفين والمماثلة بين الخلين المذكورين غير معتبرة. والخلول تتخذ غالبا من الرطب والعنب والزبيب والتمر، وينتظم من هذه الخلول عشر مسائل، وضابط ذلك أن تأخذ كل واحد مع نفسه، ثم تأخذه مع ما بعده، ولا تأخذه مع ما قبله، لأنك قد عددته قبل هذا فلا تعده مرة أخرى. الأولى: بيع خل العنب بمثله. الثانية: بيع خل الرطب بمثله. الثالثة: بيع خل الزبيب بمثله.
الرابعة: بيع خل التمر بمثله. الخامسة: بيع خل العنب بخل الرطب. السادسة: بيع خل العنب بخل الزبيب. السابعة:
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429