* (ومن لم يطعمه فإنه مني) * بخلاف الماء الملح فإنه ليس بربوي، وأورد الأسنوي على المصنف الحلوي، قال في الغنية : وهو غلط صدر عن ظن أن المراد بقوله تفكها الفاكهة التي هي الثمر. وأسقط المصنف الادم وقد ذكره في الايمان، واستشكل الفرق بين البابين لأنا إن نظرنا إلى اللغة اتحد الموضعان، أو إلى العرف فأهله لا يسمون الفاكهة والحلوى طعاما، ويمكن دخول الادم في التفكه. واعلم أن كل شيئين جمعهما اسم خاص من أول دخولهما في الربا يشتركان في ذلك الاسم بالاشتراك المعنوي كالتمر المعقلي بفتح الميم وإسكان العين المهملة نوع من التمر معروف بالبصرة وغيرها منسوب إلى معقل بن يسار الصحابي رضي الله عنه، والبرني كما قال صاحب المحكم: هو ضرب من التمر أصفر مدور واحدته برنية ، وهو أجود التمر فهما جنس واحد، وأنواع التمر كثيرة جدا، قال الجويني: كنت بالمدينة فدخل بعض أصدقائي فقال : كنا عند الأمير فتذاكروا أنواع تمر المدينة فبلغت أنواع الأسود ستين نوعا. وما ليس كذلك كالحنطة والشعير فهما جنسان، واحترز بالخاص عن العام كالحب فإنه يتناول سائر الحبوب وبأول دخولهما في الربا عن الأدقة فإنها اشتركت في اسم خاص، والتمييز بينها يحصل بالإضافة، ومع ذلك فهي أجناس لأنها دخلت في الربا قبل اشتراكها في هذا الاسم الخاص، وبالاشتراك المعنوي عن البطيخ الهندي مع الأصفر فإنهما جنسان على الأصح، وكذلك التمر والجوز الهنديان مع التمر والجوز المعروفين، فإن إطلاق الاسم عليهما ليس لقدر مشترك بينهما، أي ليس موضوعا لحقيقة واحدة بل لحقيقتين مختلفتين. وهذا الضابط كما قال الأسنوي أولى ما قيل، ولم يذكره الرافعي، ومع ذلك فإنه ينتقض باللحوم والألبان على أصح القولين أنها أجناس كأصولها، وعلى القول الآخر بأنها جنس لا نقض. وحيث اشترط التقابض فتفرقا قبله بطل العقد إن تفرقا عن تراض وإلا فلا يبطل، لأن تفرقهما حينئذ كلا تفرق، وهذا هو المعتمد خلافا لما نقله السبكي عن الصيمري من أنه لا فرق بين المختار والمكره. والتخاير وهو إلزام العقد قبل التقابض كالتفرق قبله في أنه يبطل العقد الربوي سواء أتقابضا قبل التفرق أم لا، وما ذكر في باب الخيار من أنهما لو تقابضا قبل التفرق لم يبطل ضعيف كما قاله شيخي، بل قال الأذرعي: إنه مفرع على رأي ابن سريج وهو أنه لا يرى أن التخاير بمنزلة التفرق.
ولو قبض كل منهما المبعض ففيما قبض قولا تفريق الصفقة ويبطل العقد فيما لم يقبض. ولو اشترى من غيره نصفا شائعا من دينار قيمته عشرة دراهم بخمسة دراهم أصح ويسلمه البائع إليه ليقبض النصف، ويكون النصف الثاني في يده أمانة، بخلاف ما لو كان له عليه عشرة دراهم فأعطاه عشرة فوجدت زائدة الوزن فإنه يضمن الزائد للمعطي لأنه قبضه لنفسه، فإن أقرضه البائع في صورة الشراء تلك الخمسة بعد أن قبضها منه فاشترى بها النصف الآخر من الدينار جاز كغيرها، وإن اشترى كل الدينار من غيره بعشرة وسلمه منها خمسة ثم استقرضها منه ثم ردها إليه عن الثمن بطل العقد في الخمسة الباقية كما رجحه ابن المقري في روضه لأن التصرف مع العاقد في زمن الخيار إجازة، وقد تقدم أنها كالتفرق فكأنهما تفرقا قبل التقابض، ولا يقال تصرف البائع فيما قبضه من الثمن في زمن الخيار باطل لأن محله مع الأجنبي، أما مع العاقد فصحيح. (وأدقة الأصول المختلفة الجنس وخلولها وأدهانها) بالرفع عطفا على أدقة، (أجناس) لأنها فروع أصول مختلفة فأعطيت حكم أصولها، فيجوز بيع دقيق البر بدقيق الشعير، وخل التمر بخل العنب متفاضلين. واعلم أن كل خلين لا ماء فيهما واتحد جنسهما اشترط التماثل وإلا فلا، وكل خلين فيهما ماء لا يباع أحدهما بالآخر إن كانا من جنس واحد وإن كانا من جنسين وقلنا الماء العذب ربوي وهو الأصح كما مر لم يجز وإلا جاز، وإن كان الماء في أحدهما وهما جنسان كخل العنب بخل التمر وخل الرطب بخل الزبيب جاز لأن الماء في أحد الطرفين والمماثلة بين الخلين المذكورين غير معتبرة. والخلول تتخذ غالبا من الرطب والعنب والزبيب والتمر، وينتظم من هذه الخلول عشر مسائل، وضابط ذلك أن تأخذ كل واحد مع نفسه، ثم تأخذه مع ما بعده، ولا تأخذه مع ما قبله، لأنك قد عددته قبل هذا فلا تعده مرة أخرى. الأولى: بيع خل العنب بمثله. الثانية: بيع خل الرطب بمثله. الثالثة: بيع خل الزبيب بمثله.
الرابعة: بيع خل التمر بمثله. الخامسة: بيع خل العنب بخل الرطب. السادسة: بيع خل العنب بخل الزبيب. السابعة: