مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣١١
التصرف، لأنه قد لا يجده عند الحاجة. (ولا) شرط (عمله) أي المالك (معه) أي العامل، لأن انقسام التصرف يفضي إلى انقسام اليد.
تنبيه: قضية كلامه كالمحرر أن هذا من محترز قوله: مسلما إلى العامل، وليس مرادا، بل هو شرط آخر، وهو استقلال العامل بالتصرف، فكان الأولى أن يقول وأن يستقل بالتصرف، فلا يجوز شرط عمله معه. ولو شرط كون المال تحت يد وكيله، وأن يكون معه مشرف مطلع على عمله من غير توقف في التصرف على مراجعته لم يصح أخذا من التعديل السابق، نبه عليه الأسنوي. (ويجوز شرط عمل غلام) أي عبد (المالك معه) معينا له لا شريكا له في الرأي (على الصحيح) كشرط إعطاء بهيمة له ليحمل عليها. والثاني: لا يجوز كشرط عمل السيد، لأن يد عبده يده. وأجاب الأول بأن عبده وبهيمته مال فجعل عملهما تبعا للمالك بخلاف المالك، وبخلاف عبده إذا جعله شريكا للرأي فيما مر، ويشترط أن يكون العبد والبهيمة معلومين بالرؤية أو الوصف. وتعبير المصنف بغلامه يشمل أجيره الحر، فالظاهر كما قال شيخنا أنه كعبده لأنه مالك لمنفعته. وقد ذكر الأذرعي مثله في المساقاة. وإنما جعلت الغلام في كلامه بمعنى العبد لأنه متفق عليه، ولو شرط لعبده جزءا من الربح صح وإن لم يشرط عمله معه، لرجوع ما شرط لعبده إليه.
تنبيه: سكوت المصنف عن بيان نوع ما يتجر فيه العامل مشعر بأنه لا يشترط، ويحمل الاطلاق على العرف وهو الصحيح في الروضة، وإن جزم الجرجاني باشتراطه. ثم شرع في الركن الثاني وهو العمل، فقال: (ووظيفة العامل التجارة) وهي الاسترباح بالبيع والشراء.
فائدة: الوظيفة بظاء مشالة: ما يقدر عليه الانسان في كل يوم ونحوه. (و) كذا (توابعها) مما جرت العادة أن يتولاه بنفسه، (كنشر الثياب وطيها) وزرعها وغير ذلك مما سيأتي. ومنه أن ما يلزم العامل فعله إذا استأجر عليه يستأجر عليه من ماله، وما لا يلزمه إذا استأجر عليه يستأجر عليه من مال القراض. وخرج بالتجارة استخراج العامل الربح باحتراف كما يشير إليه قوله: (فلو قارضه ليشتري حنطة) مثلا (فيطحن) ويعجن (ويخبز) ويبيع ذلك، (أو) يشتري (غزلا) مثلا (ينسجه ويبيعه) والربح بينهما، (فسد القراض في الصورتين)، لأن القراض شرع رخصة للحاجة وهذه الأعمال مضبوطة يمكن الاستئجار عليها فلم تشملها الرخصة والعامل فيها ليس متجرا بل محترفا، فليست من وظيفة العامل. فلو اشترى الحنطة وطحنها من غير شرط لم ينفسخ القراض فيها في الأصح، ثم إن طحن بغير الاذن فلا أجرة له، ولو استأجر عليه لزمته الأجرة ويصير ضامنا وعليه غرم ما نقص بالطحن، فإن باعه لم يكن الثمن مضمونا عليه لأنه لم يتعد فيه، وإن ربح فالربح بينهما كما شرطا. ولو شرط أن يستأجر العامل من يفعل ذلك من مال القراض وحظ العامل التصرف فقط، قال في المطلب: يظهر الجواز. قال الأذرعي: وفيه نظر، لأن الربح لم ينشأ عن تصرف العامل، وقد قال القاضي حسين:
لو قارضه على أن يشتري الحنطة ويخزنها مدة فإذا ارتفع سعرها باعها لم يصح، لأن الربح ليس حاصلا من جهة التصرف، وفي البحر نحوه. وهذا هو الظاهر، بل لو قال: على أن تشتري الحنطة وتبيعها في الحال، فإنه لا يصح. ويشترط أن لا يضيق المالك على العامل في التصرف، (و) حينئذ (لا يجوز أن يشرط عليه شراء) بالمد بخطه (متاع معين) كهذه الحنطة أو هذا الثوب، (أو) شراء (نوع يندر وجوده) كالخيل البلق والياقوت الأحمر والخز الأدكن، (أو) شرط عليه (معاملة شخص) بعينه كلا تبع إلا لزيد أو لا تشتر إلا منه، لاخلاله بالمقصود، لأن المتاع المعين قد لا يربح والنادر قد لا يجده، والشخص المعين قد لا يعامله، وقد لا يجد عنده ما يظن أن فيه ربحا. قال في الحاوي: ويضر تعيين الحانوت دون السوق لأن السوق كالنوع العام والحانوت كالعرض المعين.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أن النوع إذا لم يندر وجوده أنه يصح ولو كان ينقطع كالفواكه الرطبة، وهو كذلك،
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429