التصرف، لأنه قد لا يجده عند الحاجة. (ولا) شرط (عمله) أي المالك (معه) أي العامل، لأن انقسام التصرف يفضي إلى انقسام اليد.
تنبيه: قضية كلامه كالمحرر أن هذا من محترز قوله: مسلما إلى العامل، وليس مرادا، بل هو شرط آخر، وهو استقلال العامل بالتصرف، فكان الأولى أن يقول وأن يستقل بالتصرف، فلا يجوز شرط عمله معه. ولو شرط كون المال تحت يد وكيله، وأن يكون معه مشرف مطلع على عمله من غير توقف في التصرف على مراجعته لم يصح أخذا من التعديل السابق، نبه عليه الأسنوي. (ويجوز شرط عمل غلام) أي عبد (المالك معه) معينا له لا شريكا له في الرأي (على الصحيح) كشرط إعطاء بهيمة له ليحمل عليها. والثاني: لا يجوز كشرط عمل السيد، لأن يد عبده يده. وأجاب الأول بأن عبده وبهيمته مال فجعل عملهما تبعا للمالك بخلاف المالك، وبخلاف عبده إذا جعله شريكا للرأي فيما مر، ويشترط أن يكون العبد والبهيمة معلومين بالرؤية أو الوصف. وتعبير المصنف بغلامه يشمل أجيره الحر، فالظاهر كما قال شيخنا أنه كعبده لأنه مالك لمنفعته. وقد ذكر الأذرعي مثله في المساقاة. وإنما جعلت الغلام في كلامه بمعنى العبد لأنه متفق عليه، ولو شرط لعبده جزءا من الربح صح وإن لم يشرط عمله معه، لرجوع ما شرط لعبده إليه.
تنبيه: سكوت المصنف عن بيان نوع ما يتجر فيه العامل مشعر بأنه لا يشترط، ويحمل الاطلاق على العرف وهو الصحيح في الروضة، وإن جزم الجرجاني باشتراطه. ثم شرع في الركن الثاني وهو العمل، فقال: (ووظيفة العامل التجارة) وهي الاسترباح بالبيع والشراء.
فائدة: الوظيفة بظاء مشالة: ما يقدر عليه الانسان في كل يوم ونحوه. (و) كذا (توابعها) مما جرت العادة أن يتولاه بنفسه، (كنشر الثياب وطيها) وزرعها وغير ذلك مما سيأتي. ومنه أن ما يلزم العامل فعله إذا استأجر عليه يستأجر عليه من ماله، وما لا يلزمه إذا استأجر عليه يستأجر عليه من مال القراض. وخرج بالتجارة استخراج العامل الربح باحتراف كما يشير إليه قوله: (فلو قارضه ليشتري حنطة) مثلا (فيطحن) ويعجن (ويخبز) ويبيع ذلك، (أو) يشتري (غزلا) مثلا (ينسجه ويبيعه) والربح بينهما، (فسد القراض في الصورتين)، لأن القراض شرع رخصة للحاجة وهذه الأعمال مضبوطة يمكن الاستئجار عليها فلم تشملها الرخصة والعامل فيها ليس متجرا بل محترفا، فليست من وظيفة العامل. فلو اشترى الحنطة وطحنها من غير شرط لم ينفسخ القراض فيها في الأصح، ثم إن طحن بغير الاذن فلا أجرة له، ولو استأجر عليه لزمته الأجرة ويصير ضامنا وعليه غرم ما نقص بالطحن، فإن باعه لم يكن الثمن مضمونا عليه لأنه لم يتعد فيه، وإن ربح فالربح بينهما كما شرطا. ولو شرط أن يستأجر العامل من يفعل ذلك من مال القراض وحظ العامل التصرف فقط، قال في المطلب: يظهر الجواز. قال الأذرعي: وفيه نظر، لأن الربح لم ينشأ عن تصرف العامل، وقد قال القاضي حسين:
لو قارضه على أن يشتري الحنطة ويخزنها مدة فإذا ارتفع سعرها باعها لم يصح، لأن الربح ليس حاصلا من جهة التصرف، وفي البحر نحوه. وهذا هو الظاهر، بل لو قال: على أن تشتري الحنطة وتبيعها في الحال، فإنه لا يصح. ويشترط أن لا يضيق المالك على العامل في التصرف، (و) حينئذ (لا يجوز أن يشرط عليه شراء) بالمد بخطه (متاع معين) كهذه الحنطة أو هذا الثوب، (أو) شراء (نوع يندر وجوده) كالخيل البلق والياقوت الأحمر والخز الأدكن، (أو) شرط عليه (معاملة شخص) بعينه كلا تبع إلا لزيد أو لا تشتر إلا منه، لاخلاله بالمقصود، لأن المتاع المعين قد لا يربح والنادر قد لا يجده، والشخص المعين قد لا يعامله، وقد لا يجد عنده ما يظن أن فيه ربحا. قال في الحاوي: ويضر تعيين الحانوت دون السوق لأن السوق كالنوع العام والحانوت كالعرض المعين.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أن النوع إذا لم يندر وجوده أنه يصح ولو كان ينقطع كالفواكه الرطبة، وهو كذلك،