تنبيه: لو اختار على الأول الصبر إلى الحلول ثم عن له أن يعجل الثمن ويأخذ، قال في المطلب: فالذي يظهر أن في ذلك له وجها واحدا، قال الأذرعي وغيره: وهو ظاهر إذا لم يكن زمن نهب يخشى منه على الثمن المعجل الضياع. ولو كان الثمن منجما، قال الماوردي: فالحكم فيه كالمؤجل فيعجل أو يصبر حتى يحل كله، وليس له كلما حل نجم أن يعطيه ويأخذ بقدره لما فيه من تفريق الصفقة على المشتري. قال: ولو رضي المشتري بدفع الشقص وتأجيل الثمن إلى محله وأبى الشفيع إلا الصبر إلى المحل بطلت الشفعة على الأصح، ولو حل الثمن على المشتري بموته أو نحوه كردة لا يتعجل الاخذ على الشفيع بل يستمر على خيرته، ولو مات الشفيع فالخيرة لوارثه. (ولو بيع شقص وغيره) مملا شفعة فيه من منقول كنقد أو أرض أخرى لا شركة فيها للشفيع صفقة واحدة، (أخذه) أي الشقص لوجود سبب الاخذ دون غيره، (بحصته) أي بقدرها (من القيمة) باعتبار القيمة وقت البيع، لأنه وقت المقابلة، فلو كان الثمن مائة وقيمة الشقص ثمانين وقيمة المضموم إليه عشرين أخذ الشقص بأربعة أخماس الثمن ويبقى المضموم للمشتري بالخمس الباقي، فقوله: بحصته من القيمة لا يعطي هذا المعنى لولا ما قدرته. ولا خيار للمشتري بتفريق الصفقة عليه لدخوله عالما بالحال، وبهذا فارق ما مر في البيع من امتناع أفراد المعيب بالرد. قال الأذرعي: وظاهره أنه لو جهل الحال ثبت له الخيار، ولم أر من صرح به اه.
والظاهر كما قال شيخنا: أنهم جروا في ذكر العلم على الغالب. (ويؤخذ) الشقص (الممهور) لامرأة (بمهر مثلها) وقت نكاحها، (وكذا) يؤخذ بمهر مثلها وقت خلعها (عوض الخلع) سواء أكان أقل من قيمته أم لا، لأن البضع متقوم وقيمة مهر المثل.
تنبيه: محل الاخذ بالشفعة في ذلك إذا كان الشقص معلوما، فلو أمهرها شقصا غير معلوم كان لها مهر مثلها ولا شفعة لأنه مجهول، نص عليه في الام. (ولو اشترى بجزاف) - بتثليث جيمه كما مر في باب الربا - نقدا كان أو غيره كمذروع مكيل، (وتلف) الثمن قبل العلم بقدره، (امتنع الاخذ) بالشفعة لتعذر الوقوف على الثمن والاخذ بالمجهول غير ممكن.
وهذا من الحيل المسقطة للشفعة، وهي مكروهة لما فيها من إبقاء الضرر لا في دفع شفعة الجار الذي يأخذ بها عند القائل بها. وصورها كثيرة، منها أن يبيع الشقص بأكثر من ثمنه بكثير ثم يأخذ به عرضا يساوي ما تراضيا عليه عوضا عن الثمن أو يحط عن المشتري ما يزيد عليه بعد انقضاء الخيار. ومنها أن يبيعه بمجهول مشاهد ويقبضه ويخلطه بغيره بلا وزن في الموزون أو ينفقه أو يتلفه. ومنها أن يشتري من الشقص جزءا بقيمة الكل ثم يهبه الباقي. ومنها أن يهب كل من مالك الشقص وآخذه للآخر بأن يهب له الشقص بلا ثواب ثم يهب له الآخر قدر قيمته، فإن خشي عدم الوفاء بالهبة وكلا أمينين ليقبضاهما منهما معا بأن يهبه الشقص ويجعله في يد أمين ليقبضه إياه ويهبه الآخر قدر قيمته ويجعله في يد أمين ليقبضه إياه ثم يتقابضا في حالة واحدة. ومنها أن يشتري بمتقوم قيمته مجهولة كفص ثم يضعه أو يخلطه بغيره، فإن كان غائبا لم يلزم البائع إحضاره ولا الاخبار بقيمته. فإن قيل: هذا يخالف ما سبق من أنه ليس للمشتري منع الشفيع من رؤية الشقص إذا منعناه أخذ ما لم ير. أجيب بأن هذا لا حق له على البائع بخلاف المشتري. (فإن عين الشفيع قدرا) لثمن الشقص كقوله للمشتري: اشتريته بمائة درهم، (وقال المشتري: لم يكن ذلك الثمن (معلوم القدر، حلف على نفي العلم) بقدره، لأن الأصل عدم علمه به. ويخالف هذا ما لو ادعى على غيره ألفا فقال: لا أعلم كم لك علي حيث لا يكفي ذلك منه، إذ المدعى هنا هو الشقص لا الثمن المجهول، وبتقدير صدق المشتري لا يمكنه الاخذ بالشفعة فكان ذلك إنكارا لولاية الاخذ، ولا يكفيه أن يحلف أنه اشتراه بمجهول لأنه قد يعلمه بعد الشراء. ولو قال المشتري: لم أشتر بذلك القدر حلف كذلك، وللشفيع بعد حلف المشتري أن يزيد في قدر الثمن ويحلفه ثانيا وثالثا، وهكذا حتى ينكل المشتري