مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٢
قياسا على البناء والغراس، والثاني: لا، لما فيه من ضرر الغاصب، لأنه يضيع بفصله بخلاف البناء والغراس. وعلى الأول لو تركه الغاصب للمالك ليدفع عنه كلفة القلع لم يجبر على قبوله في أصح الوجهين، ولو رضي المالك بإبقائه كان للغاصب الفصل إن لم ينقص الثوب بالفصل وكذا إن نقص، وإذا تراضيا على القلع فذاك أو على الابقاء فهما شريكان. (وإن لم يمكن) فصله كأن كان الصبغ منعقدا، (فإن لم تزد قيمته) أي الثوب بالصبغ ولم تنقص كأن كان يساوي عشرة والصبغ خمسة فصار مصبوغا يساوي عشرة، لا لانخفاض سوق الثياب بل لأجل الصبغ. (فلا شئ للغاصب فيه) لعدم الزيادة ولا شئ عليه لعدم النقص. (وإن نقصت) قيمته كأن صار يساوي ثمانية، (لزمه الأرش) لأن النقص حصل بفعله.
(وإن زادت) قيمته بالصبغ كأن صار يساوي خمسة عشر في مثالنا، (اشتركا فيه) أي الثوب هذا بصبغه وهذا بثوبه أثلاثا ثلثاه للمغصوب منه وثلثه للغاصب، فشركتهما ليست على الإشاعة، بل كل منهما يملك ما كان له مع ما يخصه من الزيادة. فلو حصل فيهما أو في أحدهما نقص لانخفاض سعر أحدهما أو زيادة لارتفاعه عمل به فيكون النقص أو الزيادة لاحقا لمن انخفض أو ارتفع سعر ماله، وإن حصل ذلك بسبب اجتماع الثوب والصبغ، أي بسبب العمل، فالنقص على الصبغ لأن صاحبه هو الذي عمل، والزيادة بينهما لأن الزيادة الحاصلة بفعل الغاصب إذا إذا أسندت إلى الأثر المحض تحسب للمغصوب منه، وأيضا الزيادة قامت بالثوب والصبغ فهي بينهما. ولو بذل صاحب الثوب للغاصب قيمة الصبغ ليتملكه لم يجب إليه سواء أمكن فصله أم لا، بخلاف البناء والغراس في العارية، لتمكنه هنا من القلع مجانا بخلاف المعير . ولو أراد أحدهما الانفراد ببيع ملكه لثالث لم يصح، إذ لا ينتفع به وحده كبيع دار لا ممر لها، نعم لو أراد المالك بيع الثوب لزم الغاصب بيع صبغه معه لأنه متعد فليس له أن يضر بالمالك، بخلاف ما لو أراد الغاصب بيع صبغه لا يلزم مالك الثوب بيعه معه لئلا يستحق المتعدي بتعديه إزالة ملك غيره.
تنبيه: احترز المصنف بقوله: بصبغة عن صورتين: الأولى أن يكون الصبغ مغصوبا من آخر فهما شريكان كما لو كان الصبغ للغاصب، فإن حصل في المغصوب نقص باجتماعهما اختص النقص بالصبغ كما مر وغرم الغاصب لصاحب الصبغ قيمة صبغه، وإن أمكن فصله فلكل منهما تكليفه الفصل، فإن حصل به نقص فيهما أو في أحدهما غرمه الغاصب، وإن لم يمكن فصله بأن كان الحاصل تمويها فكما سبق في التزويق، ففي هذه الصورة زيادة على ما تقدم. الصورة الثانية: أن يكون الصبغ لمالك الثوب، فالزيادة له لا للغاصب لأنها أثر محض والنقص على الغاصب فيغرم أرشه، وللمالك إجباره على فصله إن أمكن، وليس للغاصب فصله إذا رضي المالك بالابقاء، وكذا لو سكت كما قال الأسنوي إنه القياس.
فرع: لو طيرت الريح ثوبا إلى مصبغة شخص فانصبغ فيها اشتركا في المصبوغ مثل ما مر ولم يكلف أحدهما البيع ولا الفصل ولا الأرش وإن حصل نقص إذ لا تعدي. (ولو خلط المغصوب بغيره) سواء أخلط بجنسه كحنطة بيضاء بحنطة حمراء، أم بغير جنسه كبر بشعير (وأمكن التمييز، لزمه) التمييز لسهولته ولامكان رد عين ما أخذه. (وإن شق) عليه تمييز جميعه وجب عليه تمييز ما أمكن. (فإن تعذر) كأن خلط الزيت بمثله أو بشيرج، (فالمذهب أنه كالتالف) لا مشتركا، سواء أخلطه بمثله أم بأجود أم بأردأ لتعذر رده وملكه الغاصب. (فله) أي المغصوب منه (تغريمه) أي الغاصب، (وللغاصب أن يعطيه من غير المخلوط) لأن الحق فيه انتقل إلى ذمته، وله أيضا أن يعطيه منه إن خلطه بمثله أو بأجود منه لا بأردأ لأنه دون حقه إلا برضاه، فله أخذه ولا أرش له وكان مسامحا ببعض حقه وإلا أخذ مثل ماله. والطريق الثاني قولان: أحدهما هذا، والثاني: يشتركان في المخلوط، وللمغصوب منه قدر حقه من المخلوط. قال السبكي: والذي أقوله وأعتقده وينشرح صدري له أن القول بالهلاك باطل، لأن فيه تمليك الغاصب مال المغصوب منه بغير رضاه، بل
(٢٩٢)
مفاتيح البحث: الضرر (1)، السكوت (1)، البيع (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429