مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٧
بعضها ببعض إن ربي بالطيب سمسم الدهن بأن طرح في الطيب ثم استخرج دهنه، فإن استخرج دهنه ثم طرح فيه أوراقها فلا يباع بعضها ببعض، لأن اختلاطها بها يمنع معرفة التماثل. (و) تعتبر (في العنب) والرطب (زبيبا) وتمرا (أو خل عنب) ورطب، (وكذا العصير) أي عصير العنب والرطب، (في الأصح) لأنه متهئ لأكثر الانتفاعات، فيجوز بيع العصير بمثله وكذا بيع عصيره بخله متماثلا على الأصح، وأما بيع الخل بعضه ببعض فقد تقدم الكلام عليه. فعلم من كلامه أنه قد يكون للشئ حالتا كمال فأكثر. والثاني: ليس للعصير حالة كمال لأنه ليس على هيئة كمال المنفعة. ومثل عصير العنب والرطب عصير الرمان والتفاح وسائر الثمار وكذا عصير قصب السكر، والمعيار في الدهن والخل والعصير الكيل. (و) تعتبر المماثلة (في اللبن لبنا) خالصا غير مشوب بماء أو إنفحة أو ملح وغير مغلي بالنار كما يعلم مما يأتي، فيباع الحليب بمثله وإنما يباع بعد سكون رغوته والرائب بمثله والرائب بالحليب كيلا، ولا يبالي بكون ما يحويه المكيال من الخاثر أكثر وزنا لأن الاعتبار فيه بالكيل كالحنطة الصلبة بالرخوة. (أو سمنا) خالصا مصفى بشمس أو نار، فإنه لا يتأثر بالنار تأثير انعقاد ونقصان فيجوز بيع بعضه ببعض وزنا وإن كان مائعا على النص، وقيل: كيلا، وقيل: وزنا إن كان جامدا وكيلا إن كان مائعا، قاله البغوي. قال في أصل الروضة: وهو توسط بين وجهين أطلقهما العراقيون اه‍.
واستحسن التوسط في الشرح الصغير. قال شيخنا: ويؤيده أن اللبن يكال مع أنه مائع اه‍. ولا تأييد لأن اللبن أصله مائع فأجري فيه الكيل، والسمن أصله جامد فأجري فيه الوزن، وإنما يؤيده لو فرق في اللبن بين المائع والخاثر، بل قالوا بالكيل مطلقا لما قلناه. ولا يباع زبد بزبد من جنسه في الأصح، لأن ما فيهما من اللبن يمنع المماثلة. فإن قيل: بيع اللبن بعضه ببعض في كل منهما زبد. أجيب بأن الصفة ممتزجة فلا عبرة بها. وخالفه العسل بشمعه لامتياز العسل عن الشمع. ولا يباع زبد بسمن والأسمان أجناس كالألبان. (أو مخيضا صافيا) أي خالصا عن الماء، لا منفعته كاملة ، والمخيض ما نزع زبده، ويباع بمثله وبالسمن وبالزبد. قال السبكي: وظاهر كلام المصنف أنه إذا كان فيه ماء يسير لا يكون كاملا، وليس كذلك. قال: وهكذا الحليب وسائر الألبان. ويعتبر في المخيض الصرف أن لا يكون فيه زبد، فإن كان فيه لم يبع بمثله ولا يزبد ولا يسمن، لأنه يصير من قاعدة مد عجوة. فإن قيل: اللبن جنس ينقسم إلى مخيض وحليب ورائب فلا يحسن جعل المخيض قسيما للبن بل هو قسم منه. أجيب بأنه لما كان الغالب خلط المخيض بالماء عطفه عليه وإن كان قسما منه، وقيده بالخالص وإن كان غيره مقيدا به أيضا كما قدرته. (ولا تكفي المماثلة في سائر أحواله) أي باقيها، (كالجبن) بإسكان الباء وبضمها مع تشديد النون وبدونه، (والأقط) والمصل والزبد لأنها لا تخلو عن مخالطة شئ، فالجبن يخالطه الإنفحة، والأقط يخالطه الملح، والمصل يخالطه الدقيق، والزبد لا يخلو عن قليل مخيض، فلا تتحقق فيها المماثلة فلا يباع بعض كل منها ببعض. ولا يباع الزبد بالسمن ولا اللبن بما يتخذ منه كالسمن المخيض. (ولا تكفي مماثلة ما أثرت فيه النار بالطبخ أو القلي أو الشئ) لأن تأثير النار لا غاية له فيؤدي إلى الجهل بالمماثلة، فلا يجوز بيع بعضه ببعض حبا كالسمسم أو غيره كاللحم وفيما أثرت فيه بالعقد كالدبس والسكر. والفانيد، وهو عسل القصب المسمى بالمرسل وجهان: أصحهما لا يباع بعضه ببعض لما ذكر، والثاني: يباع بعضه ببعض قياسا على صحة السلم فيه. وأجاب الأول بضيق باب الربا. واحترز بكون التأثير على أحد الوجوه الثلاثة عن تأثير الحرارة كالماء المغلي فإنه يباع بعضه ببعض كما قاله الامام، وعن تأثير التمييز كما قال: (ولا يضر تأثير تمييز كالعسل والسمن) والذهب والفضة، فإن النار في العسل لتمييز الشمع وفي السمن لتمييز اللبن وفي الذهب والفضة لتمييز الغش، وهي لطيفة بالنسبة إلى العسل والسمن لا تؤثر في العقد، فلو فرض أنها عقدته امتنع بيع بعضه ببعض، أما قبل التمييز فلا يجوز ذلك للجهل بالمماثلة. ولا يجوز بيع العسل بشمعه بمثله
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429