مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٨
وفي الروضة: الأظهر لتعذر الجمع بين جملة الثمن وتفصيله. والثاني: يصح تغليبا للإشارة. فإن قيل: يشكل على الأول ما صححه فزوائد الروضة في باب الربا من أنه لو باع صبرة حنطة بصبرة شعير صاعا بصاع فزادت إحداهما ورضي صاحبها بتسليم الزيادة ثم البيع ولزم الآخر قبولها أو صاحب الناقصة بقدرها أقروا وإن تشاحا فسخ العقد. أجيب بأن الثمن هنا عينت كميته، فإذا اختل عنها صار مبهما فأبطل بخلافه ثمة لم تعين كمية صيعانه، والصبرة الناقصة قد ورد العقد على جميعها فصار كما لو باع صبرة صغيرة بقدرها من كبيرة فإنه يصح. أما إذا قابل الجملة بالجملة ولم يقابل الاجزاء بالاجزاء كأن قال: بعتكها بمائة على أنها مائة فإنه يصح وإن خرجت زائدة أو ناقصة. ويثبت الخيار لمن عليه الضرر، فإن قال المشتري للبائع : لا تفسخ وأنا أقنع بالقدر المشرط أو أنا أعطيك ثمن الزائد لم يسقط خيار البائع، ولا يسقط خيار المشتري بحط البائع من الثمن قدر النقص وإذا أجاز فبالمسمى فقط، أو قابل الاجزاء بالاجزاء ولم يقابل الجملة بالجملة، كأن قال: بعتكها كل صاع بدرهم على أنها مائة صاع، فهي كمقال الأسنوي قريبة من الأولى، وإن جزم الماوردي بالصحة عند النقصان، وخرج الزائدة على القولين. (ومتى كان العوض) أو المعوض (معينا) قال الشارح: أي مشاهدا، لأن المعين صادق بما عين بوصفه وبما هو مشاهد، أي معاين، فالأول من التعيين والثاني من المعاينة، أي المشاهدة، وهو مراد المصنف بقرينة قوله : (كفت معاينته) عن العلم بقدره اعتمادا على التخمين المصحوب بها، فلو قال: بعتك بهذه الدراهم أو هذه الصبرة وهي مجهولة القدر صح البيع اعتمادا على المشاهدة مع الكراهة لأنه قد يوقع في الندم. فإن قيل: قد صرح في التتمة بأن مجهول الذرع لا كراهة فيه. أجيب بأن الصبرة لا تعرف تخمينا غالبا لتراكم بعضها على بعض بخلاف المذروع، ولو علم أحد المتعاقدين أن تحتها دكة أو موضعا منخفضا أو اختلاف أجزاء الظرف الذي فيه العوض أو المعوض من نحو ظرف عسل وسمن رقة وغلظا بطل العقد لمنعها تخمين القدر فيكثر الغرر، قال شيخي: لأن التخمين يضعف عند العلم. نعم إن رأى ذلك قبل الوضع فيه صح البيع لوجود التخمين، وإن جهل كل منهما ذلك بأن ظن أن المحل مستو فظهر خلافه صح البيع وخير من لحقه النقص بين الفسخ والامضاء إلحاقا لما ظهر بالعين، فالخيار في مسألة الدقة للمشتري، وفي الحفرة للبائع. وقيل: إن ما في الحفرة للبائع ولا خيار، وجرى على ذلك في التهذيب. (والأظهر أنه لا يصح بيع الغائب) وهو ما لم يره المتعاقدان أو أحدهما وإن كان حاضرا، للنهي عن بيع الغرر. (والثاني يصح) إذا وصف بذكر جنسه ونوعه اعتمادا على الوصف، فيقول بعتك عبدي التركي أو فرسي العربي أو نحو ذلك، وهذا لا بد منه على هذا، وقيل:
لا حاجة إلى ذلك، وهو ما يوهمه إطلاق المصنف، حتى لو قال بعتك ما في كفي أو ميراثي من أبي صح. (ويثبت الخيار) للمشتري (عند الرؤية) وإن وجده كما وصف، لحديث: ليس الخبر كالمعاينة رواه بهذا اللفظ الإمام أحمد وابن حبان والغزالي في الأوسط. ولا خيار للبائع، خلافا لمقتضى إطلاق المتن وإن قواه الأسنوي. نعم إن وجده زائدا ثبت له الخيار كالمشتري إذا وجده ناقصا، قاله الماوردي. ودليل هذا القول حديث: من اشترى ما لم يره فهو بالخيار إذا رآه لكنه حديث ضعيف كما قاله البيهقي، وقال الدارقطني: إنه باطل. ويثبت قبل الرؤية الفسخ دون الإجازة. ويمتد الخيار امتداد مجلس الرؤية ، وقيل: على الفور. ويجري القولان في رهن الغائب وهبته على صحتهما لا خيار عند الرؤية إذ لا حاجة إليه، قال في المجموع:
ويجري القولان في الوقف أيضا، ولكن الأصح في زوائد الروضة تبعا لابن الصلاح في كتاب الوقف صحته وأنه لا خيار عند الرؤية. ولا ينافي ذلك ما نقل عن فتاوى القفال من الجزم بالمنع، لأن كلام المصنف وابن الصلاح في وقف ما استقر ملكه عليه ولم يره كأن ورثه أو اشتراه له وكيله، وكلام القفال فيما لم يستقر ملكه عليه. (و) على الأظهر في اشتراط الرؤية ، (تكفي الرؤية قبل العقد) ولو لمن عمي وقته، (فيما لا يتغير غالبا إلى وقت العقد) كالأرض ونحو الحديد وإن منعنا بيع الغائب لأنه قد عرفه بتلك الرؤية، والغالب بقاؤه على ما شاهده عليه، قال الماوردي: وإنما تكفي الرؤية السابقة إذا كان حال العقد ذاكرا للأوصاف، فإن نسيها لطول المدة ونحوه فهو بيع غائب. وهو ظاهر كما قال شيخنا وإن استغربه في المجموع
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429