مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨
ولا بصاف لقاعدة مد عجوة. فإن قيل: هلا جاز كبيع التمر بعضه ببعض وفيه النوى أجيب بأن النوى في التمر غير مقصود بخلاف الشمع في العسل فكان اجتماعهما يؤدي إلى الجهالة. (وإذا جمعت الصفقة) أي البيعة، سميت بذلك لأن أحد المتبايعين يصفق يده على يد الآخر في عادة العرب جنسا، (ربويا من الجانبين) وليس تابعا بالإضافة إلى القصور، (واختلف الجنس) أي جنس المبيع (منهما) جميعهما بأن اشتمل أحدهما على جنسين ربويين اشتمل الآخر عليهما ، (كمد عجوة ودرهم بمد) من عجوة (ودرهم)، (و) كذا لو اشتمل على أحدهما فقط، (كمد ودرهم بمدين أو درهمين) أو اشتملا جميعهما على جنس ربوي وانضم إليه غير ربوي فيهما كدرهم وثوب بدرهم وثوب، أو في أحدهما كدرهم وثوب بدرهم، (أو) اختلف (النوع) أي نوع المبيع، والمراد به ما يعم الوصف بأن اختلف النوع الحقيقي من الجانبين جميعهما بأن اشتمل أحدهما من جنس ربوي على نوعين اشتمل الآخر عليهما، كمد تمر صيحاني ومد برني بمد تمر صيحاني ومد برني، أو على أحدهما كمد صيحاني ومد برني بمدين صيحاني أو برني. أو اختلف الوصف من الجانبين جميعهما بأن اشتمل أحدهما من جنس ربوي على وصفين اشتمل الآخر عليهما، (كصحاح ومكسرة) تنقص قيمتها عن قيمة الصحاح (بهما) أي بصحاح ومكسرة أو جيدة ورديئة بجيدة ورديئة، (أو بأحدهما) أي بصحاح فقط أو بمكسرة فقط أو بجيدة فقط أو رديئة فقط. (فباطلة) هذه المسألة هي القاعدة المعروفة بقاعدة مد عجوة. والأصل فيها خبر مسلم عن فضالة بن عبيد قال: أتى النبي (ص) بقلادة فيها خرز وذهب تباع بتسعة دنانير، فأمر النبي (ص) بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال: الذهب بالذهب وزنا بوزن وفي رواية: لا تباع حتى تفصل. واستدل على القاعدة من جهة المعنى بأن قضية اشتمال أحد طرفي العقد على مالين مختلفين توزيع ما في الآخر عليهما اعتبارا بالقيمة كما في بيع شقص مشفوع وسيف بألف وقيمة الشقص مائة والسيف خمسون فإن الشفيع يأخذ الشقص بثلثين، والتوزيع هنا يؤدي إلى المفاضلة أو الجهل بالمماثلة، لأنه إذا باع مدا ودرهما بمدين إن كانت قيمة المد الذي مع الدرهم أكثر أو أقل منه لزمته المفاضلة أو مثله فالمماثلة مجهولة، فلو كانت قيمته درهمين فالمد ثلثا طرفه فيقابله ثلثا المدين أو نصف درهم فالمد ثلث طرفه فيقابله ثلث المدين فنلزم المفاضلة أو مثله، فالمماثلة مجهولة، لأنها تعتمد التقويم وهو تخمين قد يخطئ. فإن قيل:
يشكل على هذا ما قالوه في الصلح من أنه لو كان له على غيره ألف درهم وخمسون دينارا ذهبا فصالحه من ذلك على ألفي درهم جاز. أجيب بأن الكلام هنا في بيع العين بخلاف ما في الصلح، وتعدد العقد هنا بتعدد البائع أو المشتري كاتحاده بخلاف تعدده بتفصيل العقد بأن جعل في بيع مد ودرهم بمثلهما المد في مقابلة المد أو الدرهم والدرهم في مقابلة الدرهم أو المد. وخرج بقولي جنسا ما لو لم يشتمل أحد جانبي العقد على شئ مما اشتمل عليه الآخر، كبيع دينار ودرهم بصاع بر وصاع شعير أو بصاعي بر أو شعير، وبيع دينار صحيح وآخر مكسر بصاع تمر برني وصاع معقلي أو بصاعين برني أو معقلي فإنه يجوز. وقوله: ربويا من الجانبين: أي ولو كان الربوي ضمنا من جانب واحد كبيع سمسم بدهنه، فيبطل لوجود الدهن في جانب حقيقة وفي الآخر ضمنا، بخلاف ما لو كان ضمنا من الجانبين كبيع سمسم بسمسم فيصح، وبليس تابعا بالإضافة إلى المقصود ما إذا كان تابعا كبيع حنطة بشعير وفيهما أو في أحدهما حبات من الآخر يسيرة بحيث لا يقصد تمييزها لتستعمل وحدها فإنه يصح، وكذا لو باع صاع بر جيد وردئ مختلطا بمثله فإنه يصح، ويصح بيعه بجيد أو ردئ إذ المتوزع شرطه التمييز. وظاهر كلامهم أنه يصح وإن كثرت حبات الآخر وهو كذلك، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين. والفرق بين الجنس والنوع أن الحبات إذا كثرت في الجنس لم تتحقق المماثلة بخلاف النوع. وكبيع دار فيها بئر ماء عذب بمثلها فإنه يصح، لأن الماء وإن اعتبر علم العاقدين به تابع بالإضافة إلى مقصود الدار لعدم توجه القصد إليه غالبا، ولا ينافي كونه تابعا بالإضافة كونه مقصودا في نفسه حتى يشترط التعرض له في البيع ليدخل . والحاصل أنه من حيث أنه تابع بالإضافة اغتفر من جهة الربا، ومن حيث أنه مقصود في نفسه اعتبر التعرض له في البيع ليدخل فيه.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429