تتمة: لصاحب العلو بناء السفل بماله ويكون المعاد ملكه، ويأتي فيه ما مر في الجدار المشترك، ولصاحب السفل السكنى في المعاد لأن العرصة ملكه، وليس له الانتفاع به بفتح كوة وغرز وتد ونحوهما، وللأعلى هدمه لأنه ملكه وكذا للأسفل إن بناه الاعلى قبل امتناع الأسفل من البناء ما لم يبن الاعلى علوه، فإن بناه فللأسفل تملك السفل بالقيمة وليس له هدمه، أما إذا بنى السفل بعد امتناع الأسفل فليس له تملكه ولا هدمه لتقصيره، سواء أبنى عليه الاعلى علوه أم لا. ويؤخذ من هذه أن له البناء بآلة نفسه وإن لم يمتنع الأسفل منه، ومثله الشريك في الجدار المشترك ونحوه، وهو كذلك، وإن قيل في ذلك وقفة. ولصاحب العلو وضع الأثقال المعتادة على السقف المملوك للآخر أو المشترك بينهما، وللآخر الاستكنان به والتعليق المعتاد به كثوب ولو بوتد يتده، لأنا لو لم نجوز له ذلك لعظم الضرر وتعطلت المنافع. فإن قيل: قد مر أن الجدار المشترك ليس لأحد الشريكين أن ينتفع به بما يضايق فيه عادة فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك؟ أجيب بأن الاعلى ثبت له الانتفاع قطعا فثبت للأسفل ذلك تسوية بينهما، وفي الجدار لم يثبت لأحدهما ذلك فلم يثبت للآخر تسوية بينهما. ويجوز غرز الوتد لصاحب العلو فيما يليه في أحد وجهين، قال شيخنا: هو الظاهر. (ويجوز أن يصالح على إجراء الماء، و) على (إلقاء الثلج في ملكه) أي المصالح معه، (على مال) لأن الحاجة تدعو إلى ذلك لكن محله في الماء المجلوب من نهر ونحوه إلى أرضه، والحاصل إلى سطحه من المطر. أما غسالة الثياب والأواني فلا يجوز الصلح على إجرائها على مال لأنه مجهول لا تدعو الحاجة إليه، وإن خالف في ذلك البلقيني وقال: إن الحاجة إليه أكثر من حاجة البناء على الأرض. وشرط المصالحة على إجراء ماء المطر على سطح غيره أن لا يكون له مصر ف إلى الطريق إلا بمروره على سطح جاره، قاله الأسنوي. ومحل الجواز في الثلج إذا كان في أرض الغير لا في سطحه لما فيه من الضرر. ويشترط معرفة السطح الذي يجري منه الماء، سواء أكان ببيع أو إجارة أو إعارة، لأن المطر يقل بصغره ويكثر بكبره ومعرفة قدر السطح الذي يجري إليه وقوته وضعفه فإنه قد يتحمل قليل الماء دون كثيره، ولا يضر الجهل بقدر ماء المطر لأنه لا يمكن معرفته لأنه عقد جوز للحاحة.
ثم إن عقد على الأول بصيغة الإجارة فلا بد من بيان موضع الاجراء وبيان طوله وعرضه وعمقه وقدر المدة إن كانت الإجارة مقدرة بها، وإلا فلا يشترط بيان قدرها كنظيره فيما مر في بيع حق البناء. ولا بد أن يكون الموضع محفورا وإلا فلا يصح، لأن المستأجر لا يملك الحفر. وإن عقد بصيغة البيع بأن قال: بعتك مسيل الماء وجب بيان الطول والعرض لا بيان العمق لأنه ملك القرار، أو بعتك حق مسيل الماء فكما مر في بيع حق البناء. وإن عقد بصيغة الصلح انعقد بيعا كما اقتضاه كلام الكفاية، ولا حاجة في العارية إلى بيان لأنه يرجع فيها متى شاء والأرض تحمل ما تحمل بخلاف السقف كما مر. وليس للمستحق في المواضع كلها دخول الأرض من غير إذن مالكها إلا لتنقية النهر، وعليه أن يخرج من أرضه ما يخرجه من النهر تفريعا لملك غيره. وليس لمن أذن له في إجراء المطر على السطح أن يطرح الثلج عليه ولا أن يترك الثلج حتى يذوب ويسيل إليه، ومن أذن له في إلقاء الثلج لا يجري المطر ولا غيره، ولو كان مجرى ماء في ملك غيره فادعى المالك أنه كان عارية قبل قوله كما أفتى به البغوي. واحترز المصنف بقوله: إجراء الماء عن الماء، كما لو كان له نهر جار فصالحه إنسان على أن يسقي زرعه منه بساقية لم يصح لأن المعقود عليه الماء والمملوك الماء الموجود دون ما ينبع، والخيلة فيه كما قاله القاضي حسين أن يبيع قدرا من النهر والماء تابع.
تنبيه: قد يفهم من قوله: في ملكه أنه قيد، وليس مرادا، بل يجوز ذلك في الأرض الموقوفة والمستأجرة، لكن يعتبر هنا التأقيت لأن الأرض غير مملوكة فلا يمكنه العقد عليها مطلقا، وأن يكون هناك ساقية، إذ ليس له إحداث ساقية أبدا.
فرعان: الأول: المصالحة عن قضاء الحاجة من بول أو غائط، وطرح الكناسة في ملك الغير على مال عقد فيه شائبة بيع وإجارة، وكذا المصالحة عن المبيت على سقف غيره. الثاني: للشخص تحويل أغصان شجرة لغيره مالت