مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٥
البيع أو لا؟ وجهان رجحا لبلقيني منهما البطلان. ولا يضر تعلق القصاص بعضو من أعضائه بل يصح بيعه قطعا. ولو قتل في المحاربة وقدر عليه قبل التوبة صح بيعه كالمرتد كما في الروضة في باب خيار النقص، وإن خالف في ذلك الشيخ أبو حامد وأتباعه. الشرط (الرابع) من شروط المبيع: (الملك) فبيع (لمن له العقد) الحديث: لا بيع إلا فيما تملك رواه أبو داود والترمذي وقال إنه حسن. وهذا الضابط ذكره في الوجيز وتبعه الشيخان. وإنما عبروا بمن له العقد ولم يقولوا للعاقد ليدخل المالك والوكيل والولي والحاكم في بيع مال المفلس والممتنع من وفاء دينه والملتقط والظافر بغير جنس حقه، لكن بيع الفضولي وارد على هذه العبارة فإن العقد يقع للمالك موقوفا على إجازته عند من يقول بصحته كما سيأتي. والمقصود إخراجه، ولهذا فرع بطلانه عليه بالفاء، وأراد الشارح دفع ذلك بقوله: لمن له العقد والواقع وهو إنما يأتي على أحد الرأيين في بيع الفضولي، وهو أن الصحة موقوفة على الإجازة لأن البيع صحيح والملك موقوف على الإجازة. والرأي الأول هو الراجح خلافا لما نقله الرافعي عن الامام من أن الراجح الثاني. قال شيخي: وقد رجح الأول المصنف في بعض كتبه، ولو قال المصنف: أن يكون للعاقد عليه ولاية لكان جامعا مانعا . تنبيه: كان ينبغي تقييد الملك بالتام ليخرج بيع المبيع قبل قبضه فإنه لا يصح كما سيأتي. (فبيع الفضولي) وهو البائع مال غيره بغير إذنه ولا ولاية، (باطل) للحديث المتقدم، وكذا سائر تصرفاته القابلة للنيابة، كما لو زوج أمة غيره أو ابنته أو طلق منكوحته أو أعتق عبده أو أجر داره أو وقفها أو وهبها أو اشترى له بعين ماله لأنه ليس بمالك ولا ولي ولا وكيل ، فلو عبر المصنف بالتصرف بدل البيع لشمل الصور التي ذكرتها. (وفي القديم) تصرفه المذكور كما رجحه المصنف كما مر ، (موقوف) وقيل: التصرف صحيح والموقوف الملك كما نقله الرافعي عن الامام كما مر على الإجازة. (إن أجاز مالكه) أو وليه (نفذ) بفتح الفاء المعجمة: أي مضى، (وإلا فلا) ينفذ، ودليل ذلك ما رواه البخاري مرسلا وأبو داود والترمذي وابن ماجة بإسناد صحيح أن عروة البارقي قال: دفع إلي رسول الله (ص) دينارا لاشتري به شاة فاشتريت به شاتين، فبعت إحداهما بدينار وجئت إلى النبي (ص) بشاة ودينار وذكرت له ما كان من أمري ، فقال: بارك الله لك في صفقة يمينك فكان لو اشترى التراب ربح فيه. رواه أبو داود وابن ماجة بإسناد صحيح. وهذا القول نص عليه في الام، ونقله جماعة عن الجديد، وقال في زيادة الروضة: إنه أقوى من جهة الدليل. وأجيب من جهة الأول بأن حديث عروة محمول على أنه كان وكيلا مطلقا عن النبي (ص)، ويدل عليه أنه باع الشاة وسلمها، وعند القائل بالجواز لا يجوز التسليم إلا بإذن من المالك. والمعتبر إجازة من يملك التصرف عند العقد حتى لو باع مال الطفل فبلغ وأجاز لم ينفذ.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يحضر المالك، فلو باع مال غيره بحضرته وهو ساكت لم يصح قطعا كما جزم به في المجموع. ولو عبر المصنف بقوله: إن أجاز متوليه بدل مالكه لشمل ما قدرته. (ولو باع مال مورثه) أو أبرأ منه أو زوج أمته (ظانا حياته وكان ميتا) بسكون الياء وتشديدها، أو باع عبد نفسه ظانا إباقه أو كتابته فبان أنه قد رجع من إباقه أو فسخ كتابته، (صح في الأظهر) لتبين ولايته على ذلك، فالعبرة بما نفس الامر لا بما في ظن العاقد والوقف فيه وقف تبين لا وقف صحة. ويخالف إخراج زكاة المال بشرط موت مورثه لأن النية معتبرة فيها ولم يبنها على أصل. فإن قيل: كيف صح النكاح في تزويج الأمة مع أنه لا يصح نكاح من لم يعلم أنها معتدة أو أخته أم لا ؟ أجيب بأن الشك ثم في حل المعقود عليه، وهنا في ولاية العاقد، وبينهما فرق وإن اشتركا في الركنية. والثاني: لا يصح لظنه عدم ولايته عليه. ولو باع شيئا ظنه لغيره فبان لنفسه فقد جزم الامام في كتاب الرجعة بالصحة. ولو قال: إن مات أبي فقد زوجتك أمته لم يصح كما في الروضة في النكاح لأنه تعليق فأشبه قوله: إن قدم زيد زوجتك أمتي. وصورة المسألة وجميع نظائرها كما هو حاصل كلام ابن الصباغ أن لا يعلما حال التعليق وجود المعلق عليه وإلا فيصح، ذكره
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429