يحل بعد الفساد أو معه أو قبله بزمن لا يسع البيع. (فإن أمكن تجفيفه كرطب) يجئ منه ثمر، أو عنب يجئ منه زبيب، أو لحم طري يتقدد. (فعل) حفظا للرهن، والمجفف له هو المالك ومؤنته عليه كما قاله صاحب المطلب. أما إذا كان يحل قبل فساده بزمن يسع البيع فإنه يباع على حاله. (وإلا) أي وإن لم يكن تجفيفه كالثمرة التي لا تجفف واللحم الذي لا يتقدد والبقول ينظر، (فإن رهنه بدين حال أو مؤجل يحل قبل فساده) بزمن يسع بيعه فيه على العادة، (أو) يحل بعد فساده أو معه، لكن (شرط) في هاتين الصورتين (بيعه) عند إشرافه على الفساد (وجعل الثمن رهنا) مكانه (صح) الرهن في الصور كلها لانتفاء المحذور. فإن قيل: شرط جعل ثمنه رهنا ينافيه ما يأتي من أن الاذن في بيع المرهون بشرط جعل ثمنه رهنا لا يصح. أجيب بأن ذلك اغتفر هنا للحاجة. (ويباع) المرهون وجوبا في الصورتين الأخيرتين (عند خوف فساده) عملا بالشرط وحفظا للوثيقة، وكذا يباع في الصورتين الأولتين كما في الروضة وأصلها.
(ويكون ثمنه رهنا) مكانه في الصور كلها بلا إنشاء عقد. (وإن شرط منع بيعه) قبل الحلول (لم يصح) الرهن لمنافاة الشرط المقصود التوثق. (وإن أطلق) بأن لم يشرط واحدا منهما (فسد) الرهن (الأظهر) لتعذر الوفاء منه، لأن البيع قبل المحل لم يؤذن فيه وليس من مقتضى الرهن. وهذا ما عزاه الرافعي في الشرح الكبير إلى تصحيح العراقيين وهو المعتمد. والثاني يصح، وعزاه الرافعي في الشرح الصغير إلى تصحيح الأكثرين، وقال الأسنوي:
إن الفتوى عليه. ويباع عند تعرضه للفساد، لأن الظاهر أنه لا يقصد إتلاف ماله. (وإن لم يعلم هل يفسد) المرهون (قبل) حلول (الاجل صح) الرهن المطلق، (في الأظهر) لأن الأصل عدم فساده قبل الحلول. والثاني: يفسد، لجهلنا إمكان البيع عند المحل، وهو نظير ما صححه في المعلق عتقه بصفة لا يعلم تتقدم أو تتأخر. وفرق الأول بأن سبب الفساد ثم وهو التعليق موجود عند ابتداء الرهن بخلافه هنا، وبأن علامة الفساد هنا تظهر دائما بخلافها ثم، وبأن الشخص ليس له غرض في إتلاف ماله وله غرض في عتقه لتشوف الشارع إليه. ولو أذن الراهن للمرتهن في بيع المرهون فرط بأن تركه أو لم يأذن له وترك الرفع إلى القاضي كما بحثه الرافعي وقواه المصنف ضمن. فإن قيل: سيأتي أنه يصح بيع المرتهن إلا بحضرة المالك فينبغي حمل الصورة الأولى عليه. أجيب بأن بيعه ثم إنما امتنع في غيبة المالك لكونه للاستيفاء وهو متهم بالاستعجال في ترويج السلعة، بخلافه هنا فإن غرضه الزيادة في الثمن ليكون وثيقة له. ولو رهن الثمر مع الشجر صح مطلقا، إلا إن كان الثمر لا يتجفف فله حكم ما يسرع إليه الفساد فيصح تارة ويفسد أخرى، ويصح في الشجر مطلقا، ووجهه عند فساده في الثمرة البناء على تفريق الصفقة. وإن رهن الثمرة مفرد فإن كانت لا تتجفف فهي كما يتسارع إليه الفساد، وقد تقدم حكمه، وإن كانت تتجفف جاز رهنها ولو قبل بدو الصلاح وبغير شرط قطع، لأن حق المرتهن لا يبطل باحتياجها، بخلاف البيع فإن حق المشتري يبطل. ولو رهنها بمؤجل يحل قبل الجداد وأطلق الرهن بأن لم يشرط القطع ولا عدمه لم يصح، لأن العادة في الثمار الابقاء إلى الجداد، فأشبه ما لو رهن شيئا على أن لا يبيعه عند المحل إلا بعد أيام ويجبر الراهن على إصلاحها من سقي وجداد وتجفيف ونحوها، فإن ترك إصلاحها برضا المرتهن جاز، لأن الحق لهما لا يعدوهما وهما مطلقا التصرف وليس لأحدهما منع الآخر من قطعها وقت الجداد، أما قبله فلكل منهما المنع إن لم تدع إليه ضرورة. ولو رهن ثمرة يخشى اختلاطها بدين حال أو مؤجل يحل قبل الاختلاط أو بعده بشرط قطعها قبله صح إذ لا مانع، وإن أطلق الرهن صح على الأصح، فإن اختلط قبل القبض حيث صح العقد انفسخ لعدم لزومه أو بعده فلا، ثم إن اتفقا على كون الكل أو البعض رهنا فذاك وإلا فالقول قول الراهن في قدره بيمينه. ورهن ما اشتد حبه من الزرع كبيعه، فإن رهنه مع الأرض أو منفردا وهو بقل فكرهن الثمرة مع