مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٤
يحل بعد الفساد أو معه أو قبله بزمن لا يسع البيع. (فإن أمكن تجفيفه كرطب) يجئ منه ثمر، أو عنب يجئ منه زبيب، أو لحم طري يتقدد. (فعل) حفظا للرهن، والمجفف له هو المالك ومؤنته عليه كما قاله صاحب المطلب. أما إذا كان يحل قبل فساده بزمن يسع البيع فإنه يباع على حاله. (وإلا) أي وإن لم يكن تجفيفه كالثمرة التي لا تجفف واللحم الذي لا يتقدد والبقول ينظر، (فإن رهنه بدين حال أو مؤجل يحل قبل فساده) بزمن يسع بيعه فيه على العادة، (أو) يحل بعد فساده أو معه، لكن (شرط) في هاتين الصورتين (بيعه) عند إشرافه على الفساد (وجعل الثمن رهنا) مكانه (صح) الرهن في الصور كلها لانتفاء المحذور. فإن قيل: شرط جعل ثمنه رهنا ينافيه ما يأتي من أن الاذن في بيع المرهون بشرط جعل ثمنه رهنا لا يصح. أجيب بأن ذلك اغتفر هنا للحاجة. (ويباع) المرهون وجوبا في الصورتين الأخيرتين (عند خوف فساده) عملا بالشرط وحفظا للوثيقة، وكذا يباع في الصورتين الأولتين كما في الروضة وأصلها.
(ويكون ثمنه رهنا) مكانه في الصور كلها بلا إنشاء عقد. (وإن شرط منع بيعه) قبل الحلول (لم يصح) الرهن لمنافاة الشرط المقصود التوثق. (وإن أطلق) بأن لم يشرط واحدا منهما (فسد) الرهن (الأظهر) لتعذر الوفاء منه، لأن البيع قبل المحل لم يؤذن فيه وليس من مقتضى الرهن. وهذا ما عزاه الرافعي في الشرح الكبير إلى تصحيح العراقيين وهو المعتمد. والثاني يصح، وعزاه الرافعي في الشرح الصغير إلى تصحيح الأكثرين، وقال الأسنوي:
إن الفتوى عليه. ويباع عند تعرضه للفساد، لأن الظاهر أنه لا يقصد إتلاف ماله. (وإن لم يعلم هل يفسد) المرهون (قبل) حلول (الاجل صح) الرهن المطلق، (في الأظهر) لأن الأصل عدم فساده قبل الحلول. والثاني: يفسد، لجهلنا إمكان البيع عند المحل، وهو نظير ما صححه في المعلق عتقه بصفة لا يعلم تتقدم أو تتأخر. وفرق الأول بأن سبب الفساد ثم وهو التعليق موجود عند ابتداء الرهن بخلافه هنا، وبأن علامة الفساد هنا تظهر دائما بخلافها ثم، وبأن الشخص ليس له غرض في إتلاف ماله وله غرض في عتقه لتشوف الشارع إليه. ولو أذن الراهن للمرتهن في بيع المرهون فرط بأن تركه أو لم يأذن له وترك الرفع إلى القاضي كما بحثه الرافعي وقواه المصنف ضمن. فإن قيل: سيأتي أنه يصح بيع المرتهن إلا بحضرة المالك فينبغي حمل الصورة الأولى عليه. أجيب بأن بيعه ثم إنما امتنع في غيبة المالك لكونه للاستيفاء وهو متهم بالاستعجال في ترويج السلعة، بخلافه هنا فإن غرضه الزيادة في الثمن ليكون وثيقة له. ولو رهن الثمر مع الشجر صح مطلقا، إلا إن كان الثمر لا يتجفف فله حكم ما يسرع إليه الفساد فيصح تارة ويفسد أخرى، ويصح في الشجر مطلقا، ووجهه عند فساده في الثمرة البناء على تفريق الصفقة. وإن رهن الثمرة مفرد فإن كانت لا تتجفف فهي كما يتسارع إليه الفساد، وقد تقدم حكمه، وإن كانت تتجفف جاز رهنها ولو قبل بدو الصلاح وبغير شرط قطع، لأن حق المرتهن لا يبطل باحتياجها، بخلاف البيع فإن حق المشتري يبطل. ولو رهنها بمؤجل يحل قبل الجداد وأطلق الرهن بأن لم يشرط القطع ولا عدمه لم يصح، لأن العادة في الثمار الابقاء إلى الجداد، فأشبه ما لو رهن شيئا على أن لا يبيعه عند المحل إلا بعد أيام ويجبر الراهن على إصلاحها من سقي وجداد وتجفيف ونحوها، فإن ترك إصلاحها برضا المرتهن جاز، لأن الحق لهما لا يعدوهما وهما مطلقا التصرف وليس لأحدهما منع الآخر من قطعها وقت الجداد، أما قبله فلكل منهما المنع إن لم تدع إليه ضرورة. ولو رهن ثمرة يخشى اختلاطها بدين حال أو مؤجل يحل قبل الاختلاط أو بعده بشرط قطعها قبله صح إذ لا مانع، وإن أطلق الرهن صح على الأصح، فإن اختلط قبل القبض حيث صح العقد انفسخ لعدم لزومه أو بعده فلا، ثم إن اتفقا على كون الكل أو البعض رهنا فذاك وإلا فالقول قول الراهن في قدره بيمينه. ورهن ما اشتد حبه من الزرع كبيعه، فإن رهنه مع الأرض أو منفردا وهو بقل فكرهن الثمرة مع
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429