الشجرة أو منفردة قبل بدو الصلاح وقد مر. (وإن رهن ما لا يسرع فساده فطرأ ما عرضه للفساد) قبل الحلول، (كحنطة ابتلت لم ينفسخ الرهن بحال) وإن تعذر تجفيفها، لأن الدوام أقوى من الابتداء. ألا ترى أن الآبق لا يصح بيعه، ولو أبق بعد البيع وقبل القبض لم ينفسخ؟ فكذا هنا، وسواء طرأ قبل القبض أم بعده، بل يجبر الراهن عند تعذر تجفيفه على بيعه وجعل ثمنه رهنا مكانه حفظا للوثيقة. (ويجوز أن يستعير شيئا ليرهنه) بدينه، لأن الرهن توثق، وهو يحصل بما لا يملكه بدليل الاشهاد والكفالة، بخلاف بيع ملك غيره لنفسه لا يصح، لأن البيع معاوضة فلا يملك الثمن من لا يملك المثمن. وشمل كلامهم الدراهم والدنانير فتصح إعارتهما لذلك، وهو المتجه كما قاله الأسنوي وإن لم تصح إعارتهما لغير ذلك. (وهو) أي عقد الاستعارة بعد الرهن، (في قول عارية) أي باق عليها لم يخرج عنها من جهة المعير إلى ضمان الدين في ذلك الشئ، وإن كان يباع فيه كما سيأتي. (والأظهر أنه ضمان دينا) من المعير (في رقبة ذلك الشئ) المرهون، لأنه كما يملك أن يلزم ذمته دين غيره، فينبغي أن يملك إلزام ذلك عين ماله، لأن كلا منهما محل حقه وتصرفه، فعلم أنه لا تعلق للدين بذمته حتى لو مات لم يحل الدين، ولو تلف المرهون لم يلزمه الأداء. (فيشترط) على هذا (ذكر جنس الدين) ككونه ذهبا أو فضة، (وقدره) كعشرة أو مائة، (وصفته) من صحة وتكسر وحلول وتأجيل، لاختلاف الأغراض بذلك كما في الضمان. (وكذا المرهون عنده) فيشترط ذكره (في الأصح) لما مر. والثاني: لا يشترط لضعف الغرض فيه. ولا يشترط شئ مما ذكر على قول العارية. ومتى خالف ما عينه له بطل الرهن على القولين للمخالفة، لا إن رهن بأقل مما عينه له كأنه عين له ألف درهم فرهنه بمائة فلا يبطل لرضا المعير به في ضمن رضاه بالأكثر. هذا إذا كان من جنسه، فلو قال: ارهنه بمائة دينار فرهنه بمائة درهم لم يصح لاختلاف الأغراض بذلك، ولو رهنه بأزيد مما عينه بطل في الجميع لا في الزائد فقط للمخالفة وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين، ولو استعاره ليرهنه عند واحد فرهنه عند اثنين أو عكسه لم يصح لاختلاف الأغراض بذلك، إذ في الأولى قد يبيع أحد المرتهنين المرهون دون الآخر، فيتشقص الملك على المعير، وفي الثانية لا ينفك منه شئ بأداء بعض الدين بخلاف ما لو رهنه من اثنين، فإنه ينفك بأداء نصيب أحدهما ما يخصه من المرهون. ولو قال له المالك: ضمنت ما لفلان عليك في رقبة عبدي من غير قبول المضمون له كفى وكان كالإعارة للرهن.
(فلو تلف) المرهون المعار بعد رهنه أو بيع في جنايته (في يد المرتهن فلا ضمان) على المرتهن بحال لأنه أمين، ولا على الراهن على قول الضمان لأنه لم يسقط الحق عن ذمته ويضمنه على قول العارية. أما إذا تلف في يد الراهن فعليه ضمانه لأنه مستعير ولم يتم عليه حكم الضمان. ولو أعتقه المالك فكإعتاق المرهون فينفذ قبل قبض المرتهن له مطلقا وبعده من الموسر دون المعسر. ولو أتلفه إنسان أقيم بدله مقامه كما قال الزركشي: إنه ظاهر كلامهم.
(ولا رجوع للمالك بعد قبض المرتهن) على القولين، وإلا لم يكن لهذا الرهن معنى، إذ لا وثوق به. وأفهم جواز الرجوع قبل قبضه، وهو كذلك على القولين لعدم لزومه، وللمرتهن حينئذ فسخ بيع شرط فيه رهن ذلك إن جهل الحال.
وإذا كان الدين مؤجلا وقبض المرتهن المعار فليس للمالك إجبار الراهن على فكه، (فإذا حل الدين أو كان حالا) وأمهله المرتهن فللمالك ذلك، فإن طالبه وامتنع من أداء الدين، (روجع المالك للبيع) فقد يريد فداءه، لأن المالك لو رهن عن دين نفسه لوجبت مراجعته فهنا أولى. (و) بعد ذلك (يباع) المعار (إن لم يقض الدين) من جهة المالك، أو لراهن على القولين وإن لم يأذن المالك، وسواء أكان الراهن معسرا أم موسرا، كما يطالب الضامن في