مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٥
الشجرة أو منفردة قبل بدو الصلاح وقد مر. (وإن رهن ما لا يسرع فساده فطرأ ما عرضه للفساد) قبل الحلول، (كحنطة ابتلت لم ينفسخ الرهن بحال) وإن تعذر تجفيفها، لأن الدوام أقوى من الابتداء. ألا ترى أن الآبق لا يصح بيعه، ولو أبق بعد البيع وقبل القبض لم ينفسخ؟ فكذا هنا، وسواء طرأ قبل القبض أم بعده، بل يجبر الراهن عند تعذر تجفيفه على بيعه وجعل ثمنه رهنا مكانه حفظا للوثيقة. (ويجوز أن يستعير شيئا ليرهنه) بدينه، لأن الرهن توثق، وهو يحصل بما لا يملكه بدليل الاشهاد والكفالة، بخلاف بيع ملك غيره لنفسه لا يصح، لأن البيع معاوضة فلا يملك الثمن من لا يملك المثمن. وشمل كلامهم الدراهم والدنانير فتصح إعارتهما لذلك، وهو المتجه كما قاله الأسنوي وإن لم تصح إعارتهما لغير ذلك. (وهو) أي عقد الاستعارة بعد الرهن، (في قول عارية) أي باق عليها لم يخرج عنها من جهة المعير إلى ضمان الدين في ذلك الشئ، وإن كان يباع فيه كما سيأتي. (والأظهر أنه ضمان دينا) من المعير (في رقبة ذلك الشئ) المرهون، لأنه كما يملك أن يلزم ذمته دين غيره، فينبغي أن يملك إلزام ذلك عين ماله، لأن كلا منهما محل حقه وتصرفه، فعلم أنه لا تعلق للدين بذمته حتى لو مات لم يحل الدين، ولو تلف المرهون لم يلزمه الأداء. (فيشترط) على هذا (ذكر جنس الدين) ككونه ذهبا أو فضة، (وقدره) كعشرة أو مائة، (وصفته) من صحة وتكسر وحلول وتأجيل، لاختلاف الأغراض بذلك كما في الضمان. (وكذا المرهون عنده) فيشترط ذكره (في الأصح) لما مر. والثاني: لا يشترط لضعف الغرض فيه. ولا يشترط شئ مما ذكر على قول العارية. ومتى خالف ما عينه له بطل الرهن على القولين للمخالفة، لا إن رهن بأقل مما عينه له كأنه عين له ألف درهم فرهنه بمائة فلا يبطل لرضا المعير به في ضمن رضاه بالأكثر. هذا إذا كان من جنسه، فلو قال: ارهنه بمائة دينار فرهنه بمائة درهم لم يصح لاختلاف الأغراض بذلك، ولو رهنه بأزيد مما عينه بطل في الجميع لا في الزائد فقط للمخالفة وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين، ولو استعاره ليرهنه عند واحد فرهنه عند اثنين أو عكسه لم يصح لاختلاف الأغراض بذلك، إذ في الأولى قد يبيع أحد المرتهنين المرهون دون الآخر، فيتشقص الملك على المعير، وفي الثانية لا ينفك منه شئ بأداء بعض الدين بخلاف ما لو رهنه من اثنين، فإنه ينفك بأداء نصيب أحدهما ما يخصه من المرهون. ولو قال له المالك: ضمنت ما لفلان عليك في رقبة عبدي من غير قبول المضمون له كفى وكان كالإعارة للرهن.
(فلو تلف) المرهون المعار بعد رهنه أو بيع في جنايته (في يد المرتهن فلا ضمان) على المرتهن بحال لأنه أمين، ولا على الراهن على قول الضمان لأنه لم يسقط الحق عن ذمته ويضمنه على قول العارية. أما إذا تلف في يد الراهن فعليه ضمانه لأنه مستعير ولم يتم عليه حكم الضمان. ولو أعتقه المالك فكإعتاق المرهون فينفذ قبل قبض المرتهن له مطلقا وبعده من الموسر دون المعسر. ولو أتلفه إنسان أقيم بدله مقامه كما قال الزركشي: إنه ظاهر كلامهم.
(ولا رجوع للمالك بعد قبض المرتهن) على القولين، وإلا لم يكن لهذا الرهن معنى، إذ لا وثوق به. وأفهم جواز الرجوع قبل قبضه، وهو كذلك على القولين لعدم لزومه، وللمرتهن حينئذ فسخ بيع شرط فيه رهن ذلك إن جهل الحال.
وإذا كان الدين مؤجلا وقبض المرتهن المعار فليس للمالك إجبار الراهن على فكه، (فإذا حل الدين أو كان حالا) وأمهله المرتهن فللمالك ذلك، فإن طالبه وامتنع من أداء الدين، (روجع المالك للبيع) فقد يريد فداءه، لأن المالك لو رهن عن دين نفسه لوجبت مراجعته فهنا أولى. (و) بعد ذلك (يباع) المعار (إن لم يقض الدين) من جهة المالك، أو لراهن على القولين وإن لم يأذن المالك، وسواء أكان الراهن معسرا أم موسرا، كما يطالب الضامن في
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429