مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٢
يبطل (الرهن في الأظهر) لمخالفة الشرط مقتضى العقد، كالشرط الذي يضر المرتهن. والثاني: لا يبطل بل يلغو الشرط ويصح العقد، لأنه تبرع، فلم يؤثر فيه ذلك، كالقرض، وتقدم الفرق بينهما. ولو شرط ما يضر الراهن أو المرتهن في بيع بطل البيع أيضا لفساد الشرط، ومحل البطلان: إذا أطلق المنفعة، فإن قيدها وكان الرهن مشروطا في بيع كقوله: وتكون منفعته لي سنة فهو جمع بين بيع وإجارة في صفقة وهو جائز. (ولو شرط أن تحدث زوائده) أي المرهون كصوفه وثمره وولده، (مرهونة فالأظهر فساد الشرط) لأنها معدومة ومجهولة. والثاني: لا، لأن الرهن عند الاطلاق إنما لم يتعلل زائد لضعفه، فإذا قوي بالشرط سرى. واحترز بالزوائد عن الاكساب فإن اشتراطه باطل على القولين. قال الماوردي: ولو شرط أن تكون المنافع مرهونة بطل قطعا. (و) الأظهر (أنه متى فسد) الشرط المذكور (فسد العقد) يعني أنه يفسد بفساد الشرط. وهذان القولان هما القولان في فساد الرهن بفساد شرط المنافع للمرتهن، وقد مر توجيههما، فلو قال كشرط منفعته للمرتهن، أو (أن تحدث زوائده مرهونة إلخ) كان أخصر وأوضح. ثم شرع في الركن الثاني وهو العاقد فقال: (وشرط العاقد) من راهن ومرتهن، (كونه مطلق التصرف) أي بأن يكون من أهل التبرع مختارا كما في البيع ونحوه. (فلا يرهن الولي) أبا كان أو غيره. (مال الصبي والمجنون ولا يرتهن لهما) أما الراهن فلانه يمنع من التصرف في المرهون، فهو حبس لمالهما بغير عوض. وأما الارتهان فلان الولي في حال الاختيار لا يبيع إلا بحال مقبوض قبل التسليم فلا ارتهان. والسفيه والمجنون كالصبي فيما ذكر، فلو قال: ولا يرهن الولي مال محجوره لشمله، أو يقول الولي ويطلق. (إلا لضرورة أو غبطة ظاهرة) فيجوز له الرهن والارتهان فيهما دون غيرهما. مثالهما للضرورة أن يرهن على ما يقترض لحاجة المؤنة ليوفي مما ينتظر من غلة أو حلول دين، أو نفاق متاع كأسد، وأن يرتهن على ما يقرضه أو يبيعه مؤجلا لضرورة نهب أو نحوه. ومثالهما للغبطة أن ما يساوي مائة على ثمن ما اشتراه بمائة نسيئة وهو يساوي مائتين، وأن يرتهن على ثمن ما يبيعه نسيئة لغبطة كما سيأتي في باب الحجر.
وإنما يجوز بيع ماله مؤجلا لغبطة من أمين غني وبإشهاد وأجل قصير في العرف، ويشترط كون المرهون وافيا بالثمن فإن فقد شرط من ذلك بطل البيع. وإن باع ماله نسيئة أو أقرضه لنهب ارتهن جوازا إن قاضيا وإلا فوجوبا، فإن خاف تلف المرهون فالأولى أن لا يرتهن، لأنه قد يتلف ويرفعه إلى حاكم يرى سقوط الدين بتلف المرهون.
تنبيه: قد علم مما تقرر أنه لو عبر بما قدرته لكان أولى من التعبير بمطلق التصرف الذي فرع عليه قوله فلا يرهن الولي لأنهم صرحوا بأنه مطلق التصرف في مال محجوره غير أنه لا يتبرع به، وحيث جاز الرهن والارتهان جاز للأب والجد أن يعاملاه بأنفسهما ويتوليا الطرفين وليس لغيرهما ذلك. ورهن المكاتب وارتهانه كالولي فيما ذكر، وكذا العبد المأذون له في التجارة إن أعطاه سيده مالا، وإلا فإن أتجر بجاهه بأن قال له سيده أتجر بجاهك ولم يعطه مالا فكمطلق التصرف ما لم يربح، فإن ربح بأن حصل في يده مال كان كما لو أعطاه مالا. قال الزركشي: وحيث منعنا المكاتب فيستثنى رهنه وارتهانه مع السيد، وما لو رهن على ما يؤدي به النجم الأخير لافضائه إلى العتق. ثم شرع في الركن الثالث وهو المرهون فقال: (وشرط الرهن) أي المرهون (كونه عينا) يصح بيعها، (في الأصح) فلا يصح رهن دين ولو ممن هو عليه، لأنه غير مقدور على تسليمه. والثاني: يصح رهنه تنزيلا له منزلة العين. ولا يصح رهن منفعة جزما كأن يرهن سكنى داره مدة، لأن المنفعة تتلف فلا يحصل بها استيثاق. ومحل المنع في الابتداء فلا ينافي كون المرهون دينا أو منفعة بلا إنشاء، كما لو مات عن المنفعة وعليه دين أو أتلف المرهون فبدله في ذمة الجاني رهن على الأرجح في زوائد الروضة، ولا رهن عين لا يصح بيعها كوقف ومكاتب وأم ولد. (ويصح رهن المتاع) كرهن كله
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429