يبطل (الرهن في الأظهر) لمخالفة الشرط مقتضى العقد، كالشرط الذي يضر المرتهن. والثاني: لا يبطل بل يلغو الشرط ويصح العقد، لأنه تبرع، فلم يؤثر فيه ذلك، كالقرض، وتقدم الفرق بينهما. ولو شرط ما يضر الراهن أو المرتهن في بيع بطل البيع أيضا لفساد الشرط، ومحل البطلان: إذا أطلق المنفعة، فإن قيدها وكان الرهن مشروطا في بيع كقوله: وتكون منفعته لي سنة فهو جمع بين بيع وإجارة في صفقة وهو جائز. (ولو شرط أن تحدث زوائده) أي المرهون كصوفه وثمره وولده، (مرهونة فالأظهر فساد الشرط) لأنها معدومة ومجهولة. والثاني: لا، لأن الرهن عند الاطلاق إنما لم يتعلل زائد لضعفه، فإذا قوي بالشرط سرى. واحترز بالزوائد عن الاكساب فإن اشتراطه باطل على القولين. قال الماوردي: ولو شرط أن تكون المنافع مرهونة بطل قطعا. (و) الأظهر (أنه متى فسد) الشرط المذكور (فسد العقد) يعني أنه يفسد بفساد الشرط. وهذان القولان هما القولان في فساد الرهن بفساد شرط المنافع للمرتهن، وقد مر توجيههما، فلو قال كشرط منفعته للمرتهن، أو (أن تحدث زوائده مرهونة إلخ) كان أخصر وأوضح. ثم شرع في الركن الثاني وهو العاقد فقال: (وشرط العاقد) من راهن ومرتهن، (كونه مطلق التصرف) أي بأن يكون من أهل التبرع مختارا كما في البيع ونحوه. (فلا يرهن الولي) أبا كان أو غيره. (مال الصبي والمجنون ولا يرتهن لهما) أما الراهن فلانه يمنع من التصرف في المرهون، فهو حبس لمالهما بغير عوض. وأما الارتهان فلان الولي في حال الاختيار لا يبيع إلا بحال مقبوض قبل التسليم فلا ارتهان. والسفيه والمجنون كالصبي فيما ذكر، فلو قال: ولا يرهن الولي مال محجوره لشمله، أو يقول الولي ويطلق. (إلا لضرورة أو غبطة ظاهرة) فيجوز له الرهن والارتهان فيهما دون غيرهما. مثالهما للضرورة أن يرهن على ما يقترض لحاجة المؤنة ليوفي مما ينتظر من غلة أو حلول دين، أو نفاق متاع كأسد، وأن يرتهن على ما يقرضه أو يبيعه مؤجلا لضرورة نهب أو نحوه. ومثالهما للغبطة أن ما يساوي مائة على ثمن ما اشتراه بمائة نسيئة وهو يساوي مائتين، وأن يرتهن على ثمن ما يبيعه نسيئة لغبطة كما سيأتي في باب الحجر.
وإنما يجوز بيع ماله مؤجلا لغبطة من أمين غني وبإشهاد وأجل قصير في العرف، ويشترط كون المرهون وافيا بالثمن فإن فقد شرط من ذلك بطل البيع. وإن باع ماله نسيئة أو أقرضه لنهب ارتهن جوازا إن قاضيا وإلا فوجوبا، فإن خاف تلف المرهون فالأولى أن لا يرتهن، لأنه قد يتلف ويرفعه إلى حاكم يرى سقوط الدين بتلف المرهون.
تنبيه: قد علم مما تقرر أنه لو عبر بما قدرته لكان أولى من التعبير بمطلق التصرف الذي فرع عليه قوله فلا يرهن الولي لأنهم صرحوا بأنه مطلق التصرف في مال محجوره غير أنه لا يتبرع به، وحيث جاز الرهن والارتهان جاز للأب والجد أن يعاملاه بأنفسهما ويتوليا الطرفين وليس لغيرهما ذلك. ورهن المكاتب وارتهانه كالولي فيما ذكر، وكذا العبد المأذون له في التجارة إن أعطاه سيده مالا، وإلا فإن أتجر بجاهه بأن قال له سيده أتجر بجاهك ولم يعطه مالا فكمطلق التصرف ما لم يربح، فإن ربح بأن حصل في يده مال كان كما لو أعطاه مالا. قال الزركشي: وحيث منعنا المكاتب فيستثنى رهنه وارتهانه مع السيد، وما لو رهن على ما يؤدي به النجم الأخير لافضائه إلى العتق. ثم شرع في الركن الثالث وهو المرهون فقال: (وشرط الرهن) أي المرهون (كونه عينا) يصح بيعها، (في الأصح) فلا يصح رهن دين ولو ممن هو عليه، لأنه غير مقدور على تسليمه. والثاني: يصح رهنه تنزيلا له منزلة العين. ولا يصح رهن منفعة جزما كأن يرهن سكنى داره مدة، لأن المنفعة تتلف فلا يحصل بها استيثاق. ومحل المنع في الابتداء فلا ينافي كون المرهون دينا أو منفعة بلا إنشاء، كما لو مات عن المنفعة وعليه دين أو أتلف المرهون فبدله في ذمة الجاني رهن على الأرجح في زوائد الروضة، ولا رهن عين لا يصح بيعها كوقف ومكاتب وأم ولد. (ويصح رهن المتاع) كرهن كله