عن العمل. وإنما ذكر السنة لأنها محل وفاق، وفيما زاد عليها فيه خلاف. فإذا ساقاه أكثر من سنة صح وإن لم يبين حصة كل سنة، فإن فاوت بين السنين لم يضر، ووقع في الروضة: لم يصح، وهو تحريف. وإن شرط ثمر سنة معينة من السنين والأشجار بحيث تثمر كل سنة لم يصح العقد، وإن ساقاه عشر سنين مثلا لتكون الثمرة بينهما ولم تتوقع إلا في العاشرة صح، وتكون السنين بمثابة الأشهر من السنة الواحدة، وفارقت ما قبلها لأنه شرط له فيها سهم من جميع الثمرة بخلافه في تلك، فإن أثمر قبل العاشرة فلا شئ للعامل في الثمرة لأنه لم يطمع في شئ.
تنبيه: السنة المطلقة في التأجيل عربية، فإن شرطا رومية أو غيرها وعرفا صح وإلا فلا. وإن انقضت المدة وعلى النخيل طلع أو بلح فللعامل حصته منه وعلى المالك التعهد إلى الجداد، وإن قال صاحب المرشد إن التعهد عليهما لأن الثمرة مشتركة بينهما، ولا يلزم العامل أجرة لتبقية حصته على الشجر إلى حين الادراك لأنه يستحقها ثمرة مدركة بحكم العقد، وإن أدرك الثمر قبل انقضاء المدة لزم العامل أن يعمل البقية بلا أجرة، فإن لم يحدث الثمر إلا بعد المدة فلا شئ للعامل. (ولا يجوز التوقيت) لمدة المساقاة (بإدراك الثمر في الأصح) لجهالته بالتقدم تارة والتأخر أخرى. والثاني:
ينظر إلى أنه المقصود والمراد بالادراك كما قاله السبكي الجداد. ثم شرع في الركن الخامس وهو الصيغة، فقال: (وصيغتها) أي المساقاة أو (ساقيتك على هذا النخل) أو العنب (بكذا) من ثمره كنصفه، لأنه الموضوع لها. (أو سلمته إليك لتتعهده) أو اعمل في نخيلي أو تعهد نخيلي بكذا لأدائه معناه. وهذه الثلاثة يحتمل أن تكون كناية، وأن تكون صريحة، قاله في الروضة كأصلها. ومقتضى كلام الإمام والماوردي والشاشي وغيرهم الأول، وقال ابن الرفعة: الأشبه الثاني، وهو ظاهر كلام ابن المقري وغيره، وهو الظاهر.
تنبيه: أفهم قوله: بكذا أنه لابد من ذكر العوض، فلو سكت عنه لم يصح. وفي استحقاقه الأجرة وجهان أوجههما عدم الاستحقاق. ولو ساقاه بلفظ الإجارة لم يصح على الأصح في الروضة كأصلها، قالوا: لأن لفظ الإجارة صريح في عقد آخر، فإن أمكن تنفيذه في محله نفذ فيه كما سيأتي وإلا فالإجارة فاسدة. قال الأسنوي: وتصحيح عدم الانعقاد مشكل مخالف للقواعد فإن الصريح في بابه إنما يمنع أن يكون كناية في غيره إذا وجد نفاذا في موضوع، وقوله لزوجته: أنت علي كظهر أمي ناويا الطلاق فلا تطلق، ويقع الظهار، بخلاف قوله لامته: أنت طالق فهو كناية في العتق لأنه لم يجد نفاذا في موضوعه، ومسألتنا من ذلك اه. ولما كان الاشكال قويا قلت تبعا لشيخنا: قالوا فإن وجدت الإجارة بشروطها كأن استأجره بنصف الثمرة الموجودة أو كلها بعد بدو الصلاح، وكذا قبله بشرط القطع، ولم يكن النصف شائعا كأن شرط له ثمرة معينة صح، ولو قال: ساقيتك بالنصف - مثلا - ليكون أجرة لك لم يضر لسبق لفظ المساقاة.
(ويشترط) فيها (القبول) لفظا من الناطق للزومها كإجارة وغيرها، وتصح بإشارة الأخرس المفهمة ككتابته. (دون تفصيل الأعمال) فيها، فلا يشترط التعرض له في العقد (ويحمل المطلق في كل ناحية على العرف الغالب) فيها في العمل، إذ المرجع في مثله إلى العرف، هذا إذا عرفاه فإن جهلاه أو أحدهما أو لم يكن عرف وجب التفصيل.
تنبيه: قضية كلامه أن الحمل المذكور يجري وإن عقد بغير لفظ المساقاة، وهو كذلك، وبه صرح ابن يونس، وإن كان كلام الروضة قد يفهم أنه لا يجري إلا في لفظها. (و) يجب على (العامل) عند الاطلاق (ما) أي عمل (يحتاج إليه لصلاح الثمر واستزادته مما يتكرر في كل سنة) في العمل، ولا يقصد به حفظ الأصل، (كسقي) إن لم يشرب بعروقه، ويدخل في السقي توابعه من إصلاح طرق الماء وفتح رأس الساقية وسدها عند السقي، فلو شرط السقي على المالك فقيل يجوز، ونص عليه في البويطي، لأن المساقاة تجوز على النخل البعلي، وهو الذي يشرب بعروقه، والمشهور