قياسا على البناء والغراس، والثاني: لا، لما فيه من ضرر الغاصب، لأنه يضيع بفصله بخلاف البناء والغراس. وعلى الأول لو تركه الغاصب للمالك ليدفع عنه كلفة القلع لم يجبر على قبوله في أصح الوجهين، ولو رضي المالك بإبقائه كان للغاصب الفصل إن لم ينقص الثوب بالفصل وكذا إن نقص، وإذا تراضيا على القلع فذاك أو على الابقاء فهما شريكان. (وإن لم يمكن) فصله كأن كان الصبغ منعقدا، (فإن لم تزد قيمته) أي الثوب بالصبغ ولم تنقص كأن كان يساوي عشرة والصبغ خمسة فصار مصبوغا يساوي عشرة، لا لانخفاض سوق الثياب بل لأجل الصبغ. (فلا شئ للغاصب فيه) لعدم الزيادة ولا شئ عليه لعدم النقص. (وإن نقصت) قيمته كأن صار يساوي ثمانية، (لزمه الأرش) لأن النقص حصل بفعله.
(وإن زادت) قيمته بالصبغ كأن صار يساوي خمسة عشر في مثالنا، (اشتركا فيه) أي الثوب هذا بصبغه وهذا بثوبه أثلاثا ثلثاه للمغصوب منه وثلثه للغاصب، فشركتهما ليست على الإشاعة، بل كل منهما يملك ما كان له مع ما يخصه من الزيادة. فلو حصل فيهما أو في أحدهما نقص لانخفاض سعر أحدهما أو زيادة لارتفاعه عمل به فيكون النقص أو الزيادة لاحقا لمن انخفض أو ارتفع سعر ماله، وإن حصل ذلك بسبب اجتماع الثوب والصبغ، أي بسبب العمل، فالنقص على الصبغ لأن صاحبه هو الذي عمل، والزيادة بينهما لأن الزيادة الحاصلة بفعل الغاصب إذا إذا أسندت إلى الأثر المحض تحسب للمغصوب منه، وأيضا الزيادة قامت بالثوب والصبغ فهي بينهما. ولو بذل صاحب الثوب للغاصب قيمة الصبغ ليتملكه لم يجب إليه سواء أمكن فصله أم لا، بخلاف البناء والغراس في العارية، لتمكنه هنا من القلع مجانا بخلاف المعير . ولو أراد أحدهما الانفراد ببيع ملكه لثالث لم يصح، إذ لا ينتفع به وحده كبيع دار لا ممر لها، نعم لو أراد المالك بيع الثوب لزم الغاصب بيع صبغه معه لأنه متعد فليس له أن يضر بالمالك، بخلاف ما لو أراد الغاصب بيع صبغه لا يلزم مالك الثوب بيعه معه لئلا يستحق المتعدي بتعديه إزالة ملك غيره.
تنبيه: احترز المصنف بقوله: بصبغة عن صورتين: الأولى أن يكون الصبغ مغصوبا من آخر فهما شريكان كما لو كان الصبغ للغاصب، فإن حصل في المغصوب نقص باجتماعهما اختص النقص بالصبغ كما مر وغرم الغاصب لصاحب الصبغ قيمة صبغه، وإن أمكن فصله فلكل منهما تكليفه الفصل، فإن حصل به نقص فيهما أو في أحدهما غرمه الغاصب، وإن لم يمكن فصله بأن كان الحاصل تمويها فكما سبق في التزويق، ففي هذه الصورة زيادة على ما تقدم. الصورة الثانية: أن يكون الصبغ لمالك الثوب، فالزيادة له لا للغاصب لأنها أثر محض والنقص على الغاصب فيغرم أرشه، وللمالك إجباره على فصله إن أمكن، وليس للغاصب فصله إذا رضي المالك بالابقاء، وكذا لو سكت كما قال الأسنوي إنه القياس.
فرع: لو طيرت الريح ثوبا إلى مصبغة شخص فانصبغ فيها اشتركا في المصبوغ مثل ما مر ولم يكلف أحدهما البيع ولا الفصل ولا الأرش وإن حصل نقص إذ لا تعدي. (ولو خلط المغصوب بغيره) سواء أخلط بجنسه كحنطة بيضاء بحنطة حمراء، أم بغير جنسه كبر بشعير (وأمكن التمييز، لزمه) التمييز لسهولته ولامكان رد عين ما أخذه. (وإن شق) عليه تمييز جميعه وجب عليه تمييز ما أمكن. (فإن تعذر) كأن خلط الزيت بمثله أو بشيرج، (فالمذهب أنه كالتالف) لا مشتركا، سواء أخلطه بمثله أم بأجود أم بأردأ لتعذر رده وملكه الغاصب. (فله) أي المغصوب منه (تغريمه) أي الغاصب، (وللغاصب أن يعطيه من غير المخلوط) لأن الحق فيه انتقل إلى ذمته، وله أيضا أن يعطيه منه إن خلطه بمثله أو بأجود منه لا بأردأ لأنه دون حقه إلا برضاه، فله أخذه ولا أرش له وكان مسامحا ببعض حقه وإلا أخذ مثل ماله. والطريق الثاني قولان: أحدهما هذا، والثاني: يشتركان في المخلوط، وللمغصوب منه قدر حقه من المخلوط. قال السبكي: والذي أقوله وأعتقده وينشرح صدري له أن القول بالهلاك باطل، لأن فيه تمليك الغاصب مال المغصوب منه بغير رضاه، بل