ذلك (بسراية) وقيمته خمسون، (فالواجب الأقصى أيضا) وهو المائة، لأنا إذا اعتبرنا الأقصى في اليد العادية فلان يعتبر في نفس الاتلاف أولى. (ولا تضمن الخمر) سواء أكانت لمسلم أم لغيره محترمة أم لا، إذ لا قيمة لها كالدم والميتة وسائر الأعيان النجسة. والنبيذ كالخمر مع أن اسمها لا يتناوله عند الأكثرين، ولكن لا يريقه إلا بأمر حاكم مجتهد يرى ذلك - كما قاله الماوردي - لئلا يتوجه عليه الغرم، فإنه عند أبي حنيفة مال، والحاكم المقلد الذي يرى إراقته كالمجتهد في ذلك. قال الأذرعي: وكأن الكلام مفروض فيما إذا كان المتجاهر به مستحله مذهبا أو تقليدا، أما إذا كان ممن يرى تحريمه فالظاهر أنه في حقه كالخمر المجمع عليها، وهل العامي الذي لا يتبع مذهبا كهذا أو يصرف لمستبيح؟ فيه احتمال اه. واعترض بأن توقي الغرم عند من يراه لا فرق فيه بين من يعتقد تحريمه وغيره، فلا وجه لما قاله. وذكر المصنف في الدقائق أن الحشيشة مسكرة، وعلى هذا فيتجه كما قال الأسنوي إلحاقها بالخمر. ولا ضمان في المتنجس من المائع في أحد وجهين يظهر ترجيحه لعدم صحة بيعه، وأما إناء الخمر ونحوه فيجوز كسره إذا لم يقدر على الإراقة إلا به، أو كان الاناء ضيق الرأس، أو لو اشتغل بإراقته أدركه الفساق ومنعوه، أو كان يضيع زمانه ويتعطل شغله، ذكره الغزالي.
وللولاة كسر آنية الخمر والنبيذ زجرا وتأديبا دون الآحاد، وقد فعل ذلك في زمنه (ص). قال الأسنوي: وهو من النفائس المهمة. (ولا تراق) الخمر ونحوها (على ذمي) لأنهم يقرون على الانتفاع بها كما قاله في الكفاية. (إلا أن يظهر شربها أو بيعها) أو غيرهما كهبتها ولو من مثله فتراق عليه، لأن في إظهار ذلك استهانة بالاسلام كإظهارهم كفرهم، والاظهار هو الاضطلاع عليه من غير تجسس، والخنزير كالخمر في ذلك. هذا إذا كانوا بين أظهرنا، فإن انفردوا بقرية مثلا فلا يعترض عليهم إذا تظاهروا بالخمر ونحوها كما سيأتي بسط ذلك إن شاء الله تعالى في كتاب الجزية. (وترد عليه) إذا لم يظهرها وجوبا، (إن بقيت العين) لما سبق من تقريرهم عليها، والمؤنة على الآخذ في الأصح في الشرح والروض في باب الجزية، فهو مستثنى من قاعدة من لا يضمن العين لا يضمن ردها. قال في الام: ومن تعرض لهم زجر، فإن عاد أدب. (وكذا) ترد الخمرة (المحترمة) إن بقيت وما ألحق بها (إذا غصبت من مسلم) عليه، لأن له إمساكها لتصير خلا. أما غير المحترمة فلا ترد عليه بل تراق. والمحترمة كما قال الرافعي هنا: هي التي عصرت من غير قصد الخمرية، وهو أولى من قوله في الرهن: هي التي عصرت بقصد الخلية، فالتي عصرت بغير قصد شئ محترمة على الأول دون الثاني. ومن أظهر خمرا وزعم أنها خمر خل، قال الإمام: لم يقبل منه، قال الأذرعي: إلا أن يكون معلوم الورع مشهور التقوى وإلا لاتخذ الفساق ذلك ذريعة إلى اقتناء الخمر بإظهارها وأنهم عصروها للخلية اه. وهو تفصيل حسن، وهو مأخوذ من قول الإمام. ولو اطلعنا على خمر ومعها مخايل تشهد بأنها خمر خل، فالمذهب أنا لا نتعرض لها. (والأصنام) والصلبان (وآلات الملاهي) كالطنبور (لا يجب في إبطالها شئ) لأن منفعتها محرمة لا تقابل بشئ. وقضية التعليل كما قال الأسنوي: أن ما جاز من آلات اللهو كالدف يجب الأرش على كاسره. وفي أواني الذهب والفضة خلاف مبني على حل الاتخاذ. (والأصح أنها لا تكسر الكسر الفاحش) لامكان إزالة الهيئة المحرمة مع بقاء بعض المالية. نعم للإمام ذلك زجرا وتأديبا على ما قاله الغزالي في إناء الخمر بل أولى. (بل تفصل لتعود كما قبل التأليف) لزوال الاسم بذلك. والثاني: لا يجب تفصيل الجميع بل بقدر ما لا يصلح للاستعمال، ولا يكفي إزالة الأوتار فقط جزما لأنها منفصلة عنها. والثالث: تكسر حتى تنتهي إلى حد لا يمكن اتخاذ آلة محرمة لا الأولى ولا غيرها. ولو زاد في الكسر على المشروع غرم التفاوت بينه وبين المشروع، ولو اختلفا في الزيادة على الحد المشروع وادعى صاحب الآلة الزيادة وأنكر المتلف قال الزركشي: ينبغي أن يصدق صاحب الآلة كما يصدق المالك فيما لو أراق شيئا وقال المالك كان عصيرا وقال المتلف بل خمرا، فإن المالك يصدق بيمينه كما قاله البغوي في فتاويه، إذ الأصل بقاء المالية.