يقبل. والثاني: يبطل فيهما، لأنا حكمنا به حين لم يكن أهلا للانكار، وقد صار، والأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما.
فإن قيل: ما ذكر في المجنون يخالفه ما لو قال مجنون: هذا أبي حيث لا يثبت نسبه حتى يفيق ويصدق، وقد قال الروياني:
ما أدري ما الفرق بينهما إلا أن يقال الابن بعد الجنون يعود إلى ما كان عليه في صباه بخلاف الأب. أجيب بأن أصل هذا للماوردي، ورأيه أن المجنون البالغ لا يصح استلحاقه إلا إن أفاق وصدق، ولا يشكل باستلحاق الميت لليأس من عوده، وهذا رأي مرجوح فإذا لا فرق بين هذا أبي وهذا ابني كما أفاده شيخي. (ويصح أن يستلحق ميتا صغيرا) ولو بعد أن قتله ولا يبالي بتهمة الميراث ولا بتهمة سقوط القود، لأن النسب يحتاط فيه، ولهذا لو نفاه في الحياة أو بعد الموت ثم استلحقه بعد موته لحقه وورثه. (وكذا كبير) ميت يصح استلحاقه (في الأصح) لأن الميت ليس أهل للتصديق فصح استلحاقه كالمجنون والصغير. والثاني: لا يصح لفوات التصديق، وهو شرط، لأن تأخير الاستلحاق إلى الموت يشعر بإنكاره لو وقع في حياته. ويجري الوجهان فيمن جن بعد بلوغه عاقلا ولم يمت لأنه سبق له حالة يعتبر فيها تصديقه، وليس الآن من أهل التصديق. (و) على الأول (يرثه) أي الميت المستلحق. ولا نظر إلى التهمة لأن الإرث فرع النسب وقد ثبت نسبه. ومسألة الإرث مزيدة على المحرر والروضة.
فائدة: لو نفي الذمي ولده، أي الصغير أو المجنون، ثم أسلم لا يحكم بإسلام الولد، لأنا حكمنا بأن لا نسب بينهما فلا يتبعه في الاسلام، فلو مات هذا الولد وصرفنا ميراثه لأقاربه الكفار ثم استلحقه النافي حكم بالنسب، وتبين أنه صار مسلما بإسلامه تبعا، ويسترد ميراثه من ورثته الكفار وتصرف له. (ولو استلحق اثنان) فأكثر (بالغا ثبت لمن صدقه) منهما أو منهم أو لاجتماع الشرائط فيه دون الآخر، فإن صدقهما أو لم يصدق واحد منهما عرض على القائف كما سيأتي إن شاء الله تعالى قبيل باب العتق. (وحكم الصغير) إذا استلحقه اثنان فأكثر، (يأتي في) كتاب (اللقيط إن شاء الله تعالى) ويأتي فيه أيضا حكم استلحاق العبد والمرأة. (ولو قال لولد أمته) غير المزوجة والمستفرشة له: (هذا ولدي ثبت نسبه) عند اجتماع شروطه. ولا بد في تتمة التصوير أن يقول: منها كما في التنبيه، كذا قاله في الروضة. ولعله لأجل الخلاف في قوله: (ولا يثبت الاستيلاد في الأظهر) وإلا فلا يحتاج إليه لثبوت النسب، وإنما لم يثبت الاستيلاد لاحتمال أنه أولدها بنكاح أو شبهة ثم ملكها. قال الرافعي: وهذا أشبه بقاعدة الاقرار وهو البناء على اليقين. والثاني وصححه جمع: يثبت حملا على أنه أولدها بالملك، والأصل عدم النكاح. (وكذا) لا يثبت الاستيلاد في الأظهر (لو قال) هذا (ولدي ولدته في ملكي) لاحتمال أن يكون قد أحبلها قبل الملك بما مر ثم اشتراها حاملا فولدت في ملكه. (فإن قال: علقت به في ملكي) أو: هذا ولدي استولدتها به في ملكي أو: هذا ولدي منها وملكي عليها مستمر من عشر سنين مثلا وكان الولد ابن نحو سنة، (ثبت الاستيلاد) لانتفاء الاحتمال كما قاله الرافعي وتبعه المصنف. فإن قيل: يحتمل أنها كانت مرهونة ثم أولدها وهو معسر فبيعت في الدين ثم اشتراها وقلنا بأنها لا تصير مستولدة على رأي.
أجيب بأن هذا احتمال بعيد لا يعول عليه، ولكن لو كان مكاتبا قبل إقراره فلا يثبت الاستيلاد حتى ينفي احتمال أنه أحبلها زمن كتابته، لأن إحبال المكاتب لا يثبت أمية الولد كما سيأتي إن شاء الله تعالى آخر الكتاب. ولو قال: يد فلان ابني أو أخي أو يد في هذه الأمة مستولدتي ليس إقرارا بالنسب ولا بالاستيلاد، إذا جعلنا نظيره في الطلاق إنه يقع على الجزء ثم يسري، وهذا هو الراجح، وإن جعلناه عبارة عن الجملة على رأي مرجوح كان إقرارا بالنسب والاستيلاد، ذكره الرافعي في كتاب الطلاق عن التتمة. (فإن كانت فراشا له لحقه) الولد عند الامكان (بالفراش)