التنبيه. (ومتى أقر بمبهم) ولم يمكن معرفته بغير مراجعته، (كشئ وثوب وطولب بالبيان فامتنع، فالصحيح أنه يحبس) لأن البيان واجب عليه، فإذا امتنع منه حبس كالممتنع من أداء الدين وأولى لأنه لا وصول إلى معرفته إلا منه. والثاني: لا يحبس لامكان حصول الغرض بدون الحبس. أما إذا أمكن معرفته بغير مراجعته، كقوله: له علي من الدراهم قدر ما باع به فلان فرسه فلا يحبس بل نرجع إلى ما أحال عليه، وكذا لو أمكن معرفته باستخراجه من الحساب كقوله: لزيد علي ألف إلا نصف ما لعمرو علي، ولعمرو علي ألف إلا ثلث ما لزيد علي. ومن طرق معرفة ذلك أن تجعل لزيد شيئا وتقول: لعمرو ألف إلا ثلث شئ فتأخذ نصفه وهو خمسمائة إلا سدس شئ وتسقطه من ألف زيد يبقى خمسمائة وسدس شئ، وذلك يعدل الشئ المفروض لزيد، لأنه جعل له ألفا إلا نصف ما لعمرو فتسقط سدس شئ بسدس شئ يبقى خمسة أسداس شئ في مقابلة خمسمائة فيكون الشئ التام ستمائة وهوما لزيد، فإذا أخذت ثلثها وهو مائتان وأسقطته من الألف بقي ثمانمائة وهو ما أقر به لعمرو. (ولو بين) المقر إقراره المبهم تبينا صحيحا (وكذبه المقر له في ذلك، (فليبين) جنس الحق وقدره، (وليدع) به، (والقول قول المقر) بيمينه (في نفيه) ثم إن فسره ببعض الجنس المدعى به كمائة ودعوى المقر له مائتان، فإن قال المقر له: أراد المقر بالمبهم المائة ثبتت باتفاقهما وحلف المقر على نفي الزيادة، وإن قال: أرادهما حلف على نفي الزيادة وعلى نفي الإرادة لهما يمينا واحدة لاتحاد الدعوى، فإن نكل حلف المدعي على الاستحقاق لهما لا على إرادة المقر لهما لأنه لا اطلاع له عليها، وإن كذبه في استحقاق ما فسر به بطل الاقرار فيه وإلا ثبت. ولو اقتصر على دعوى الإرادة وقال: ما أردت بكلامك ما وقع التفسير به وإنما أردت كذا لم يسمع منه ذلك، لأن الاقرار والإرادة لا يثبتان حقا فعليه أن يدعي الحق لنفسه. فإن مات المقر قبل البيان طولب به الوارث، فإن امتنع وقفت التركة كلها لا أقل متمول منها حتى يبين الوارث، لأنها وإن لم تدخل في التفسير مرتهنة بالدين. ولا يخالف صحة التفسير بالسرجين ونحوه، لأنها لم تتيقن عدم إرادة المال فيمتنع التصرف في الجميع احتياطا. فإن بين المقر له زيادة على ما فسر به الوارث صدق الوارث بيمينه كالمقر وتكون يمينه على نفي إرادة مورثه زيادة، لأنه قد يطلع في حال مورثه على ما لا يطلع عليه غيره. وهنا سؤالان ذكرتهما مع جوابهما في شرح التنبيه. (ولو أقر له) أي لشخص (بألف) مثلا في يوم، (ثم أقر له بألف في يوم آخر لزمه ألف فقط) وإن كتب بذلك وثيقة وأشهد عليه فيها، لأن الاقرار إخبار، ولا يلزم من تعدده تعدد المخبر عنه، وهذا يقتضي أن النكرة إذا أعيدت كانت عين الأولى. ولو عرف الألف في اليوم الثاني كان أولى بالاتحاد. (وإن اختلف القدر) المقر به في اليومين ولم يتعذر دخول أحد الاقرارين في الآخر كأن أقر بخمسة ثم بعشرة أو عكس، (دخل الأقل في الأكثر) إذ يحتمل أنه ذكر بعض ما أقر به في أحدهما. هذا إذا أمكن الجمع بين الاقرارين، (فلو) تعذر كأن (وصفهما بصفتين مختلفتين) كصحاح ومكسرة، (أو أسندهما إلى جهتين) كبيع وقرض، (أو قال: قبضت يوم السبت عشرة، ثم قال: قبضت يوم الأحد عشرة لزما) أي القدران في الصور الثلاث، لأن اتحادهما غير ممكن. فإن قيد أحدهما وأطلق الآخر لم يتعدد وحمل المطلق عليه كما أشار إليه المصنف بقوله: صفتين. وأما قوله: مختلفتين فلا حاجة إليه وإن ذكره المحرر في الصفتين لا يكونان إلا مختلفتين كما لم يحتج إليه في الجهتين، إذ لم يقل فيهما مختلفتين لأنهما لا يكونان إلا كذلك. (ولو قال: له علي ألف من ثمن خمر أو كلب، أو) له علي (ألف) لكن (قضيته) وذكر ذلك متصلا، (لزمه الألف في الأظهر) عملا بأول الاقرار وإلغاء
(٢٥٤)