لأن كذا مبهم وقد فسره بدرهم، والنصب فيه جائز على التمييز والرفع على أنه عطف بيان أو بدل كما قاله الأسنوي ، أو خبر مبتدأ محذوف كما قاله غيره، وقال السبكي: إنه لحن. وقال ابن مالك: وأما تجويز الفقهاء الرفع فخطأ، لأنه لم يسمع من لسانهم. والجر لحن عند البصريين، وهو لا يؤثر في الاقرار كما لا يؤثر في الطلاق ونحوه، والسكون كالجر كما قاله الرافعي، ووجه بأنه أدون من المرفوع والمنصوب لاختلافهم في أنه يلزمه درهم أو دونه فحملوه عليه لاحتمال إرادته.
فإن قيل: ينبغي أن يلزمه عشرون في حال النصب كما قيل به لأنه أقل عدد يميز بمفرده منصوب. أجيب بأن الاقرار لا ينبني على هذا المأخذ وإلا للزم في حالة الجر مائة لأنه أقل عدد يميز بمفرده مجرور ولم يقل به أحد. فإن قيل: في حال الجر ينبغي أن يلزمه بعض درهم كما قيل به وتقديره: كذا من درهم. أجيب بأن كذا إنما تقع على الآحاد لا على كسورها. (والمذهب أنه لو قال كذا وكذا) أو كذا ثم كذا (درهما بالنصب) تمييزا، (وجب درهمان) لأنه أقر بشيئين مبهمين وعقبهما بالدرهم منصوبا، فالظاهر أنه تفسير لكل منهما. وعلله في المطلب بأن التمييز وصف والوصف المتعقب لشيئين يعود إليهما الشافعي، ولا يحسن التأكيد مع وجود عاطف، وفي قول: يلزمه درهم لجواز أن يريد تفسير اللفظين معا بالدراهم، وفي قول: يلزمه درهم وشئ. أما الدراهم فلتفسير الثاني، وأما الشئ فللأول الباقي على إبهامه، والطريق الثاني القطع بالأول. فإن قيل: ينبغي أن يلزمه أن يقول أحد وعشرون كما قيل لأنه أقل عدد معطوف يميز بمنصوب. أجيب بمثل ما مر. (و) المذهب (أنه لو رفع أو جر) الدرهم (فدرهم) والمعنى في الرفع هما درهم. والطريق الثاني قولان، ثانيهما درهمان، لأنه يسبق إلى الفهم أنه تفسير لهما وأنه أخطأ في إعراب التفسير، وأما في الجر فلانه لما كان ممتنعا عند جمهور النحاة وكان لا يظهر له معنى في اللغة وفي العرف يفهم منه تفسير ما سبق حمل عليه بخلاف النصب فإنه تمييز صحيح فيعود إليهما كما مر. ولم ينقل الرافعي في هذه خلافا بل جزم بدرهم، لكن قال الماوردي عن الشافعي وجوب درهمين. (ولو حذف الواو فدرهم في الأحوال) المذكورة رفعا ونصبا وجرا لاحتمال التأكيد. قال الأسنوي: ولم يتعرض الشيخان ولا ابن الرفعة للسكون في هذا القسم، أي حذف الواو ولا الذي قبله. وقياس ما سبق عن الرافعي في الافراد من جعله كالمخفوض لأنه أدون أن يكون كذلك في التركيب والعطف أيضا، قال: ويتحصل من ذلك اثنتا عشرة مسألة، لأن كذا إما أن يؤتى بها مفردة أو مركبة أو معطوفة، والدرهم إما أن يرفع أو ينصب أو يجر أو يسكن، ثلاثة في أربعة يحصل ما ذكر، والواجب في جميعها درهم إلا إذا عطف ونصب تمييزها فدرهمان. وجزم ابن المقري تبعا للبلقيني بأن ثم كالواو أي والفاء كذلك، ولو قال: كذا بل كذا ففيه وجهان حكاهما الماوردي: أحدهما يلزمه شئ واحد، والثاني: يلزمه شيئان، وهذا وجه لأنه لا يسوغ رأيت زيدا بل زيدا إذا عنى الأول، وإنما يصح إذا عنى غيره. (ولو قال) له علي (ألف ودرهم قبل تفسير الألف بغير الدراهم من المال كألف فلس كما في عكسه وهو درهم وألف، ولان العطف إنما وضع للزيادة ولم يوضع للتفسير، وسواء أفسره بجنس واحد أم أجناس، قال القاضي حسين: ولو قال ألف ودرهم فضة فينبغي أن يكون الألف أيضا فضة اه. وهو ظاهر بخلاف ما لو قال: له علي ألف وقفيز حنطة فإن الألف مبهمة، إذ لا يقال ألف حنطة ويقال ألف فضة، ولو قال: له علي ألف درهم برفعهما أو نصبهما أو خفضهما منونين، أو نصب الدراهم أو خفضه أو سكنه، أو نصب الألف منونا ورفع الدرهم أو خفضه أو سكنه، كان له تفسير الألف بما عدده ألف وقيمته درهم، وكأنه قال: ألف مما قيمة لألف منه درهم. (ولو قال:
له علي) خمسة وعشرون درهما، أو ألف ومائة وخمسة وعشرون درهما، أو ألف وخمسة عشر درهما، أو ألف ونصف درهم، (فالجميع) من الخمسة والعشرين وما بعدها (دراهم على الصحيح) لأنه جعل الدرهم تمييزا، فالظاهر