ما تقدم أنه يتعين الرفع إلى الحاكم ثم الاشهاد.
تنبيه: إطلاق المصنف يشمل الصبي والمجنون يسلمان أنفسهما عن جهة الكفيل. قال الأذرعي: وفيه وقفة إذ لا حكم لقولهما ولم أره نصا، والظاهر أنه إن قبل حصل التسليم وإلا فلا اه. وهو حسن. (ولا يكفي مجرد حضوره) من غير قوله: سلمت نفسي عن الكفالة، لأنه لم يسلمه إليه ولا أحد عن جهته، فلو سلمه إليه أجنبي عن جهة الكفيل بإذنه برئ، أو بغير إذنه فلا إن لم يقبل. فإن قيل: ولا يلزمه القبول، برئ الكفيل. ولو تكفل به رجلان معا أو مرتبا فسلمه أحدهما لم يبرأ الآخر. وإن قال: سلمته عن صاحبي كان كما لو كان الدين رهنان فانفك أحدهما لا ينفك الآخر. ولو كفل رجل لرجلين فسلم إلى أحدهما لم يبرأ من حق الآخر. ولو تكافل كفيلان ثم أحضر أحدهما المكفول به برئ محضره من الكفالة الأولى والثانية وبرئ الآخر من الثانية، لأن كفيله سلمه ولم يبرأ من الأولى، لأنه لم يسلم هو ولا أحد عن جهته. ولو أبرأ المكفول له الكفيل من حقه برئ، وكذا لو قال: لا حق لي على الأصيل أو قبله في أحد وجهين قال الأذرعي: إنه الأقرب، كما يبرأ الأصيل بإقراره المذكور. (فإن غلب) المكفول (لم يلزم الكفيل إحضاره إن جهل مكانه) لعدم إمكانه، فأشبه المعسر بالدين والقول قوله أنه لا يعلم. (وإلا) بأن علم مكانه (فيلزمه) إحضاره، ولو كان فوق مسافة القصر كغيبة مال المديون إلى هذه المسافة فإنه يؤمر بإحضاره، وسواء كان غائبا عند الكفالة كما مر أو غاب بعدها، بشرط أمن الطريق ولم يذهب إلى من يمنعه، وما يغرمه الكفيل من مؤنة السفر في هذه الحالة في ماله. (ويمهل مدة ذهاب وإياب) على العادة لأنه الممكن. قال الأسنوي: وينبغي أن يعتبر مع ذلك مدة إقامة المسافرين للاستراحة وتجهيز المكفول، وهو كما قال شيخنا ظاهر في مسافة القصر فأكثر بخلاف ما دونها. وقال الأذرعي: والظاهر إمهاله عند الذهاب والعود لانتظار رفقة يأمن بهم، وعند الأمطار والثلوج الشديدة والأحوال المؤذية التي لا تسلك عادة، ولا يحبس مع هذه الاعذار اه. وهذا ظاهر. (فإن مضت) أي المدة المذكورة (ولم يحضره حبس) قال الأسنوي: إن لم يؤد الدين لأنه مقصر، فلو أداه ثم قدم الغائب، فالمتجه أن له استرداده. وقال الغزي: الأقرب عدم استرداده لأنه متبرع بالأداء لتخليص نفسه اه. والأول أوجه لأنه ليس متبرعا وإنما غرمه للفرقة. وينبغي كما قال شيخي أن يلحق بقدومه تعذر حضوره بموت ونحوه حتى يرجع به، وإذا حبس أديم حبسه إلى أن يتعذر إحضار الغائب بموت أو جهل بموضعه أو إقامة عند من يمنعه، قاله في المطلب. (وقيل إن غاب إلى مسافة القصر) فأكثر (لم يلزمه إحضاره) كالولي وشاهد الأصيل، فإن غيبتهما إلى هذه المسافة كالغيبة المنقطعة. (والأصح أنه إذا مات ودفن أو لم يدفن) أو هرب أو توارى، (لا يطالب الكفيل بالمال) لأنه لم يلتزمه وإنما ضمن النفس ولم يتمكن من إحضارها. والثاني: يطالب به بدلا عن الاحضار المعجوز عنه لأن ذلك فائدة هذه الوثيقة.
تنبيه: ظاهر إطلاق المصنف أنه لا فرق في جريان الخلاف بين أن يخلف المكفول وفاء أم لا. قال الأسنوي تبعا للسبكي: وظاهر كلامهم اختصاصه بما إذا لم يخلف ذلك اه. واحترز بالمال عن العقوبة فإنه لا يطالب بها جزما. قال الأسنوي: وتقييد المصنف تبعا للمحرر بالدفن إنما يستقيم أن لو تكلم في بطلان الكفالة، وأما الوجهان في المطالبة فيستوي فيها قبل الدفن وبعده اه. ولهذا قدرت في كلامه أو لم يدفن، وقبل الدفن إن احتيج إلى إحضاره لإقامة الشهادة على عينه أحضره الكفيل بالشروط المتقدمة، ولا شئ على من تكفل ببدن رقيق فمات أو زوجة فماتت. (و) الأصح (أنه لو شرط في الكفالة أنه يغرم المال إن فات التسليم) كقوله: كفلت بدنه بشرط الغرم أو على إني أغرم. (بطلت) لأنه