مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٩
الذي في الذمة لتبرأ ذمته منه، وهذا في عين فزال المحذور. (وإذا طالب المستحق الضامن) بالدين (فله مطالبة الأصيل بتخليصه بالأداء) للدين المضمون له ليبرأ الضامن. هذا (إن ضمن بإذنه) لأنه الذي أوقعه في المطالبة كما أنه يغرمه إذا غرم. ومعنى التخليص: أنه يؤدي دين المضمون له ليبرأ الضامن. إما إذا ضمن بغير إذنه فليس له مطالبته لأنه لم يسلطه عليه. قال في المطلب: ولو كان الأصيل محجورا عليه كصبي فللضامن بإذن وليه إن طولب طلب الولي بتخليصه ما لم يزل الحجر، فإن زال توجه الطلب على المحجور عليه. ويقاس بالصبي المجنون والمحجور عليه بسفه، سواء أكان الضامن بإذنهما قبل الجنون والحجر أم بإذن وليهما بعد ذلك.
تنبيه: قد يفهم اقتصار المصنف على المطالبة: أن الضامن إذا حبس لا يحبس الأصيل، وهو كذلك إذ لم يفت عليه قبل تسليمه شئ، قال في المطلب: ولا ملازمته. وصحح السبكي جواز الحبس لأن الأصيل لا يعطي شيئا إذا علم أنه لا يحبس، وحينئذ فلا يبقى لتجويز المطالبة فائدة. (والأصح أنه لا يطالبه) بتخليصه (قبل أن يطالب) هو بالدين، كما لا يغرمه قبل أن يغرم. والثاني: يطالب بتخليصه، كما لو استعار عينا للرهن ورهنها فإن للمالك مطالبته بفكها.
وفرق الأول بأن الرهن محبوس بالدين، وفيه ضرر ظاهر بخلاف الضامن، وعلى الأول ليس له أن يقول للمضمون له إما أن تبرئني من الحق وإما أن تطالبني به لأطالب المضمون عنه كما قاله البندنيجي. ومحل الخلاف إذا كان الدين حالا وإلا فليس له مطالبته قطعا، ولا يطالب الضامن بالاذن الأصيل بالمال ما لم يسلمه، فلو دفع إليه الأصيل المال بلا مطالبة وقلنا لا يملكه وهو الأصح فعليه رده، ويضمنه إن تلف كالمقبوض بشراء فاسد، فلو قال له: اقض به ما ضمنت عني فهو وكيل والمال أمانة في يده، ولو أبرأ الضامن الأصيل أو صالح عما سيغرم في ماله أو رهنه الأصيل شيئا بما ضمنه أو أقام به كفيلا لم يصح لأن الضامن لا يثبت له حق بمجرد الضمان، ولو شرط الضامن في ابتداء الضمان أن يرهنه الأصيل شيئا أو يقيم له به ضامنا فسد الضمان لفساد الشرط. (وللضامن) الغارم (الرجوع على الأصيل إن وجد إذنه في الضمان والأداء) لأنه صرف ماله إلى منفعة الغير بإذنه. هذا إن أدى من ماله، أما لو أخذ من سهم الغارمين فأدى به الدين فإنه لا يرجع كما ذكروه في قسم الصدقات خلافا للمتولي. (وإن انتفى) إذنه (فيهما) أي الضمان والأداء (فلا) رجوع لتبرعه، ولأنه لو كان له الرجوع لما صلى النبي (ص) على الميت بضمان أبي قتادة. (وإن أذن في الضمان فقط) وسكت عن الأداء (رجع في الأصح) لأنه أذن في سبب الأداء. والثاني: لا يرجع، لانتفاء الاذن في الأداء.
ويستثنى من إطلاق المصنف الرجوع ما إذا ثبت الضمان بالبينة وهو منكر، كأن ادعى على زيد وغائب ألفا وأن كلا منهما ضمن ما على الآخر بإذنه فأنكر زيد فأقام المدعي بينة وغرمه لم يرجع زيد على الغائب بالنصف لكونه مكذبا للبينة، فهو مظلوم بزعمه فلا يرجع على غير ظالمه. وما لو ضمن عبد ما في ذمة سيده لأجنبي وأدى بعد العتق فإنه لا يرجع أي في الأصح، وما لو قال الضامن بالاذن: لله علي أن أؤدي دين فلان ولا أرجع به فإنه إذا أدى لا يرجع. (ولا عكس في الأصح) لا رجوع فيما إذا ضمن بغير الاذن وأدى بالاذن، لأن وجوب الأداء يسبب الضمان ولم يأذن فيه. والثاني:
لا يرجع، لأنه أسقط الدين عن الأصيل بإذن. ويستثنى من إطلاق المصنف عدم الرجوع ما لو أدى بشرط الرجوع فإنه يرجع كغير الضامن، وحيث ثبت الرجوع فحكمه حكم القرض حتى يرجع في المتقوم بمثله صورة كما قاله القاضي حسين.
(ولو أدى مكسرا عن صحاح أو صالح عن مائة بثوب قيمته خمسون فالأصح أنه لا يرجع إلا بما غرم) لأنه الذي بذله.
والثاني: يرجع بالصحاح والمائة لحصول براءة الذمة، والنقصان جرى من رب المال مسامحة للضامن. ولو باعه الثوب
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429