القسمة. (وليس له إجبار شريكه على العمارة في الجديد) ولو بهدم الشريكين للمشترك لاستهدام أو لغيره، كما لا يجبره على زراعة الأرض المشتركة، ولان الممتنع يتضرر أيضا بتكليفه العمارة، والضرر لا يزال بالضرر. نعم يجبر في الأرض على إجارتها على الصحيح، وبها يندفع الضرر القديم، ونص عليه في البويطي الاجبار صيانة للاملاك المشتركة عن التعطيل، وأفتى بهذا ابن الصلاح، واختاره الغزالي، وصححه جماعة. وقيل: إن القاضي يلاحظ أحوال المتخاصمين، فإن ظهر له أن الامتناع لغرض صحيح أو شك في أمره لم يجبره وإن علم أنه عناد أجبره. قال في الروضة: ويجري ذلك في النهر والقناة والبئر المشتركة واتخاذ سترة بين سطحيهما وإصلاح دولاب بينهما تشعث إذا امتنع أحدهما من التنقية أو العمارة. ولو هدم الجدار المشترك أحد الشريكين بغير إذن الآخر لزمه أرش النقص لا إعادة البناء، لأن الجدار ليس مثليا، وعليه نص الشافعي في البويطي وإن نص في غيره على لزوم الإعادة. ولا يجبر أحد الشريكين على سقي النابت من شجر وغيره كما صرح به القاضي وغيره خلافا للجوزي، ولا إعادة السفل لينتفع به صاحب العلو، فلو كان علو الدار لواحد وسفلها لآخر وانهدمت فليس للأول إجبار الثاني على إعادة السفل، ولا للثاني إجبار الأول على معاونته في إعادته.
والسفل والعلو بضم أولها وكسره. (فإن أراد) الشريك (إعادة منهدم بآلة لنفسه لم يمنع) ليصل إلى حقه بذلك.
واعترض القاضي أبو الطيب وابن الصباغ بذلك، فقالا: أساس الجدار مشترك فكيف جوزتم بناءه بآلة نفسه وأن ينتفع به بغير إذن شريكه وقال السبكي: العرصة مشتركة، ولا حق لأحدهما على الآخر في الاستبداد بها، ولا سيما وهو يمكنه المقاسمة، فإن الصحيح جواز المقاسمة في ذلك بالتراضي عرضا في كمال الطول وبها يندفع الضرر اه. وصور صاحب التعليقة على الحاوي المسألة بما إذا كان الاس للباني وحده، وجرى عليه البارزي وصاحب الأنوار، والمنقول ما في المتن. وأجيب عما ذكر بأن له حقا في الحمل فكان له إعادة الجدار لأجله. وقضيته أنه إذا لم يكن عليه بناء ولا جذوع لا يكون له إعادته مع أن ظاهر كلامهم الاطلاق، وهو المعتمد وإن كان مشكلا. (ويكون المعاد ملكه يضع عليه ما شاء وينقضه إذا شاء) لأنه بآلته ولا حق لغيره فيه. نعم لو كان لشريكه عليه جذع خير الباني بين تمكين الشريك من إعادته ونقض بناءه ليبني معه الآخر ويعيد جزعه. (ولو قال الآخر لا تنقضه وأغرم لك حصتي) أي قيمة ما يخصني، (لم يلزمه إجابته) على الجديد كابتداء العمارة. أما على القديم وهو لزوم العمارة فعليه إجابته. ولو عمر البئر أو النهر لم يمنع شريكه من الانتفاع بالماء لسقي الزرع وغيره وله منعه من الانتفاع بالدولاب والآلات التي أحدثها.
(وإن أراد إعادته بنقضه المشترك فللآخر منعه) كسائر الأعيان المشتركة. وأفهم كلام المصنف جواز الاقدام عليه عند عدم المنع، وقال في المطلب: إنه مفهوم كلامهم بلا شك. والنقض بكسر النون وضمها، وجمعه أنقاض قاله في الدقائق. (ولو تعاونا على إعادته) بأنفسهما أو بغيرهما (بنقضه عاد مشتركا كما كان) قبل إعادته، فلو شرطا زيادة لأحدهما لم يصح على الصحيح لأنه شرط عوض من غير معوض. (ولو انفرد أحدهما وشرط له الآخر زيادة جاز وكانت في مقابلة عمله في نصيب الآخر) وقد صور الرافعي ذلك بصورتين: إحداهما، وهي الأقرب إلى عبارة المصنف: أن يعيد ذلك بالنقض المشترك فيصير له الثلثان ويكون السدس في مقابلة عمله، ومحله إذا جعل له الزيادة من النقض والعرصة في الحال، فإن شرطه بعد البناء لم يصح لأن الأعيان لا تؤجل. الصورة الثانية: أن تكون الإعادة بآلته، فإذا شرط له الآخر السدس كما مر فقد قابل ثلث الآلة المملوكة له وعمله بسدس العرصة المبني عليها، ولا بد من العلم بالآلات وبصفات الجدران كما قاله الرافعي.