وما لا يدخر ومقصوده منع بيع الرطب بالرطب واليابس مطلقا والله أعلم * وقال في الاملاء وبين عندي والله أعلم أن لا يشترى رطب برطب لأن أحد الرطبين أقل نقصا من الآخر وقد اشتمل هذا الكلام على ما يجفف مطلقا سواء كان تجفيفه غالبا أم لا ولم يفصل العراقيون بين القسمين فلذلك أطلق المصنف وسيأتي عن الإمام تفصيل في ذلك فنؤخر الكلام فيما جفافه نادر ونجعل الكلام الآن فيما جفافه غالب كالرطب والعنب وهو أصل ما يتكلم عليه في المسألة فقد اتفق جمهور الأصحاب غير المزني من المتقدمين والروياني من المتأخرين على أنه لا يجوز بيع بعضه ببعض في حال الرطوبة فلم يحكوا فيه خلافا وكذلك قال الجعدي ان المنع من ذلك قول واحد وامام الحرمين قال إنهم لم يختلفوا فيه ومحل الكلام في الزائد على خمسة أوسق (أما) إذا باع خمسة أوسق فما دونها رطبا مقطوعا على الأرض بمثله فسيأتي في العرايا فيه خلاف عن شرح التلخيص للقفال وقد خالف الشافعي رحمه الله في هذه المسألة أكثر العلماء فذهب مالك وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل في المشهور والمزني واختاره الروياني من أصحابنا فقال في الحلية وهو القياس والاختيار حتى قال ابن المنذر فيما حكي عنه القاضي حسين أن العلماء اتفقوا على أن بيع الرطب جائز الا الشافعي وقد وافق الشافعي على ذلك عبد الملك بن الماجشون وأبو حفص العكبري من الحنابلة قال الشيخ أبو حامد والكلام مع أبي حنيفة في ذلك ضرب من التكليف لأنه إذا أجاز بيع الرطب بالتمر فالرطب بالرطب أجوز (فاما) مالك وغيره فقد منعوا بيع الرطب بالتمر وأجازوا هذا فالكلام معهم (اما) حجة الشافعي فظاهرة من القياس على بيع الرطب بالتمر وان لم يكن في الرطب بالرطب حقيقة المفاضلة ففيه الجهل بالمماثلة في الحالة المعتبرة وهي حالة الجفاف فان في الارطاب ما ينقص كثيرا وهو إذا كان كثير الماء رقيق القشرة فإذا يبس ذهب ماؤه ولحمه حتى لا يبقى منه شئ ومثله الأصحاب بالهلبات وهو (1) والإبراهيمي وهو (2) وغيرهما ومنه ما ينقص قليلا وهو ما كثر لحمه وقل ماؤه وغلظ قشره ومثلوه بالمعقلي والبرني والطبرزوى وهذا ما أراده المصنف بقوله إنه لا يعلم التماثل بينهما في حال الكمال والادخار وزاد الأصحاب فقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الرطب بالتمر لأجل النقصان في أحد الطرفين فكان المنع إذا وجد النقصان في الطرفين أولى وأحرى وروي أبو بكر الإسماعيلي في كتابه المستخرج على البخاري حديث ابن عمر المتقدم
(٤٣٤)