ويخص به عموم النهى عن بيع الرطب بالتمر الوارد في حديث سعد وابن عمر وغيرهما وتحمل النواهي الواردة في ذلك على ما إذا كان الرطب على رؤس النخل وهو المزابنة (واحتجوا) أيضا بعموم نهيه صلى الله عليه وسلم (عن الطعام بالطعام الا مثلا بمثل) وكذلك قوله (التمر بالتمر) وقالوا ان التمر اسم لثمرة النخل من حين ينعقد إلى أن يدرك (وأجاب) الأصحاب عن الأول بأنهما جنس واحد ولا يلزم جواز بيع بعضه ببعض كالدقيق بالحنطة وقد وافقنا أبو حنيفة على أنه لا يجوز بيعه بها فان اعتذروا بان طحن الدقيق صنعة تعارض عملها لزمهم أن يجيزوا التفاضل بين الدقيق والحنطة ثم إن الصنعة لا أثر لها في عقود الربا (وعن) الثاني بأن المعتبر التساوي حالة الادخار وبأن هذه علة مستنبطة وعلة النبي صلى الله عليه وسلم منصوص عليها فكانت أولى (وعن) جهالة أبى عياش بما تقدم (وعن) الاحتجاج بالمفهوم على تقدير ثبوت تلك الرواية وتخصيص العموم بأن المحتجين بذلك لا يقولون بالمفهوم وأيضا فان العام المذكور قارنه تعليل وهو قوله (أينقص الرطب إذا يبس) فصار معناه خاصا كأنه قال نهى عن بيع الرطب بالتمر بعد لأن اعتبار التساوي مع التعليل المذكور لا وجه له وإذا ثبت أن ذلك اللفظ العام أريد به الخصوص فالمفهوم المقابل له (من) أصحابنا من يجعله كالقياس فيسقطه لرجحان المنطوق عليه (ومنهم) من يقول هو بمنزلة المنطوق ويتقابلان فعلى هذا يكون هذا المنطوق أولى لأنه نطق خاص معه تعليل فيكون أولى من الذي لا تعليل معه هكذا حكى هذا الخلاف عن أصحابنا والبناء عليه الشيخ أبو حامد وغيره وهو يقتضى أن بعض الأصحاب قائل بمساواة المفهوم للمنطوق عند تجرده عن التعليل وهو غريب فأن المعروف أن المنطوق راجح على المفهوم نعم قد يكون ذلك فيما إذا كان المفهوم خاصا والمنطوق عاما وهو بعيد أيضا لأنه يقتضى أن بعضهم يتوقف فيه وبعضهم يسقط المفهوم والمعروف أن المفهوم يخصص العموم (وعن) احتجاجهم بقوله الطعام بالطعام بأن هذا عام في الرطب واليابس فيحمل ذلك على اليابس بدليل ما ذكرنا وعن قوله (التمر بالتمر) أن الرطب لا يسمى تمرا لو حلف لا يأكل التمر فأكل الرطب لم يحنث (والجواب) عن حملهم ذلك على ما إذا كان على رؤس النخل لا يكال (وأيضا) فأن المزابنة تعم القسمين كما سيأتي إن شاء الله (وعن) قياسهم على بيع الحديث بالعتيق من ثلاثة أوجه مجموعة من كلام القاضي أبي الطيب والماوردي والمحاملي (أحدهما) أن النقص لا يقدح في العلة الشرعية كتخصيص العموم
(٤٢٩)