لأجل ازدحام هذه الوجوه قال الغزالي ومن تابعه انه ترقى في الظهور إلى رتبة الصريح وقال المصنف في اللمع وشرحها ان ذلك أعني قوله صلى الله عليه وسلم (أينقص الرطب إذا يبس فقيل نعم فقال فلا إذا) صريح في التعليل وجعله مقدما على ذكر الصفة التي لا يفيد ذكرها غير التعليل وكذلك جعله في المعونة أيضا (وقوله) بعد ذلك فدل على أن كل رطب لا يجوز بيع رطبه بيابسه مستنده القياس وعموم العلة فيعم الحكم لعموم علته وبذلك يتم الاستدلال على القاعدة الكلية التي ادعاها أنه لا يباع رطبه بيابسه مطلقا في بعضه بالنص وفى باقيه بالقياس فنبه على أن النص وحده لا يكفي في اثبات تلك القاعدة والله تعالى أعلم * وان العلة لو كانت في رتبة الصريح لا تكون كالتنصيص على جميع محالها فيكون الحكم فيها ثابتا بالنص كما ادعاه بعض الأصوليين بل إنما يثبت في الفرع بالقياس والله أعلم * (وقوله) رطبه بيابسه يشمل الرطب والبسر والبلح والخلال بلغة العراق الذي يسميه المصريون رامخا لا يجوز أن يباع شئ منها بالتمر وكذلك العنب والحصرم إذا بيع بالزبيب والجوز واللوز رطبها بيابسها وكذلك البندق والفول والمشمش والتين الرطب باليابس والخوخ الرطب بالمقدد على ما قاله القاضي أبو الطيب وغيره ومراده به (1) وكذلك أحد نوعي الجنس الواحد إذا بيع بالآخر كالرطب المقلى بالتمر البرنى لا يجوز أيضا قاله الماوردي وهو واضح وما أشبه ذلك صرح الشافعي رحمه الله والأصحاب بهذه الأمثلة كلها وهم والشافعي مصرحون بإطلاق هذه القاعدة التي ادعاها المصنف بأنه لا يباع من الجنس الواحد رطب بيابس في غير العرايا ولم يختلفوا في شئ منها إلا في بيع الطلع بالرطب وقد حكى الماوردي والروياني فيه ثلاثة أوجه (أحدها) الجواز لأنه لا ينعقد فأشبه القصل بالحنطة (والثاني) لا لأن نفس الطلع يصير رطبا بخلاف القصل (والثالث) قالا وهو أصح إن كان من طلع الفحال جاز لأنه صار رطبا وإن كان من طلع الإناث لم يجز وممن صرح بأن البسر والبلح كالرطب في ذلك الماوردي والمتولي وكذلك الخلال قاله الماوردي وكذا كل ما يتخذ من التمر والرطب كالدبس والناطف لا يجوز بيعه بتمر ولا رطب ولا بما يصير تمرا أو رطبا كالبلح والخلال والبسر صرح به الماوردي وقال امام الحرمين عند الكلام الأجناس إن البلح مع الرطب والحصرم مع العنب كالعصير مع الخل عنده وأظهر الوجهين عنده
(٤٣١)