الفصل السادس في الضمان وعدمه (مسألة 1): العين المستأجرة إذا كانت تحت يد المستأجر فهي أمانة في يده يجري عليها حكم الأمانات، فلا تكون مضمونة إلا بأمرين.
الأول: التعدي عليها على خلاف مقتضى الاستئمان، باستعمالها في غير ما يقتضيه العقد، كما لو استأجر الدابة مدة فأخرها عنها، أو إلى مكان فركبها إلى غيره، أو استأجر الثوب ليلبسه عند التجمل فلبسه حال التبذل، أو جعله فراشا يوطأ، وكما لو ترك الدابة بلا طعام ولا شراب أو أجهدها أو عرضها للبرد حتى مرضت أو نفقت، وكما لو ابتل الثوب فلم ينشره ويجففه حتى تعفن وتعيب.
الثاني: التفريط، وهو عدم التحفظ على العين بالنحو المتعارف، كما لو لم يوثق الدابة فشردت أو ترد ت في حفرة، أو لم يقفل البيت فسرق ما فيه، أو نحو ذلك.
(مسألة 2): المشهور أن التعدي والتفريط في الأمانات موجبان لضمان تلفها وضررها المتأخرين عنهما وإن لم يستندا إليهما، فلو ركب الدابة إلى غير المكان المأذون فيه بمقتضى الاستئمان فلم يضر بها ثم تلفت بسبب غير مضمن كان عليه الضمان، وكذا إذا لم يوثق الدابة فلم تشرد ثم مرضت، إلى غير ذلك. فالتعدي والتفريط عندهم مخرج لها عن حكم الأمانة إلى حكم الغصب.
لكن الظاهر اختصاص الضمان بما إذا استند سبب التلف أو العطب إلى التعدي أو التفريط، ولا يجري عليها حكم الغصب إلا إذا كان وضع اليد عليها عدوانيا، كما لو انتهت مدة الإجارة أو بطلت أو فسخت بخيار فأبقى العين عنده بدون رضا المالك مع قدرته على تسليمها له.