الفصل الثالث في الضمان وهو عبارة عن تحمل شخص دينا في ذمة آخر، بحيث تنشغل ذمته بالدين وتفرغ منه ذمة المدين. والمتحمل هو الضامن، والمدين الأول هو المضمون عنه، وصاحب الدين هو المضمون له. ويكفي في إنشائه كل ما يدل على الالتزام بالمضمون المذكور من قول أو فعل، كما تقدم في غيره من العقود.
(مسألة 1): الضمان عقد بين الضامن والمضمون له، فلا بد من صدوره عن اختيارهما، ولا يقع مع الاكراه كسائر العقود، كما لا بد فيه من كونهما بالغين عاقلين غير محجور عليهما بسفه. وأما عدم الحجر بالفلس فالظاهر اشتراطه في المضمون له لا يشارك الغرماء في أمواله التي هي مورد الحجر، ويأتي التعرض لذلك في كتاب الحجر إن شاء الهل تعالى. أما المضمون عنه فلا يعتبر رضاه، كما لا يعتبر فيه ما سبق، بل يصح الضمان عنه وإن كان ميتا.
(مسألة 2): إذا كان الضامن والمضمون له قاصرين لصغر أو جنون قام وليهما مقامهما، كما يقوم وكيلهما مقامهما لو كانا كاملين.
(مسألة 3): لا بد في الضمان من ثبوت الدين في ذمة المدين، سواء كان لازما - كالقرض - أم متزلزلا - كثمن المبيع في زمن الخيار - فمع عدم ثبوته لا يصح ضمانه، سواء تحقق سببه، كالجعل في الجعالة قبل العمل، أم لم يتحقق، كثمن المبيع قبل البيع. كما لا بد في الضمان أيضا من كون الحق ذميا، ولا يجري في الأعيان المضمونة كالمغصوب. نعم تصح الكفالة في جميع ذلك من دون أن تبرأ بها ذمة من عليه الحق، كما تقدم.