كتاب الصلح وهو عقد يحتاج إليه عند قصور العقود المعهودة عن تحقيق المطلوب للمتعاقدين أو حل مشكلتهما، ويجب فيه ما يجب في سائر العقود من أهلية المتعاقدين، واختيارهما، وعدم الحجر عليهما، وإنشاء المضمون المتفق عليه بكل ما يدل عليه من قول أو فعل. نعم لا يصح إذا تضمن تحليل حرام أو تحريم حلال ومخالفة حكم شرعي، نظير ما تقدم في الشروط.
(مسألة 1): الصلح من العقود اللازمة، إلا أن يشترط فيه الخيار، فيصح فسخه لمن له الخيار، كما يصح فسخه من أحدهما، بتخلف الشرط أو الوصف أو بظهور العيب، على النحو المتقدم في البيع، كما يصح فسخه بالتقايل من الطرفين معا.
(مسألة 2): يصح الصلح عند التخاصم والتنازع أو عند خوف ذلك على تبعيض الحق المتنازع عليه بين الطرفين، أو اختصاصه بأحدهما في قبال شئ للآخر، أو غير ذلك مما يرفع به التنازع، أو يمنع من تحققه، وإن كان الحق في الواقع بتمامه لأحدهما، بل وإن كان كل منهما عالما بالأمر على حقيقته إلا أنه يملك ما يمكنه من التخاصم فيه، ولو كان هو رفع صاحبه للحاكم، بل وإن لم يملك ذلك - لسبق إقرار منه أو نحوه - إلا أنه يستطيع الشكوى من صاحبه والتشنيع عليه حتى لو كان ظالما له في ذلك، وحينئذ يسقط حق الدعوى بالصلح المذكور ويحل المال المأخوذ به في الواقع، حتى لو انكشف بعد ذلك الأمر على حقيقته بإقرار أو نحوه.
نعم إذا كان ترك العدوان المحرم أحد ركني العقد فالظاهر عدم صحته، كما إذا اتفق صاحب الحق مع الطرف الآخر على أن يدفع صاحب الحق شيئا له في مقابل أن لا يعتدي عليه بشتم أو ضرب أو رفع لحاكم الجور أو غير ذلك،