استلزام الاشتغال اليقيني البراءة القطعية إلى غير ذلك مما يبحث عنه في الملازمات العقلية.
كما أنه يقوم رابعا على الإجماع الكاشف عن وجود النص الوارد في المسألة وإن لم يصل إلى يد الباحث في العصور اللاحقة.
هذه هي أهم الأسس التي يقوم عليه صرح الفقه الإمامي الشيعي الإسلامي، وأهم المصادر التي يستمد منها تفاصيله.
وقد ألف الشيعة الإمامية حول الفقه وأصوله ومبادئه ومقدماته مؤلفات كثيرة لا تحصى كثرة، ولا تعد وفرة، ولا يفي بذكر أسمائها الفهارس المطولة غير أن الأمر الذي يجب التنبيه عليه هو أن مؤلفات فقهاء الإمامية الأقدمين الذين جاؤوا بعد وفاة الإمام العسكري إلى زمان الشيخ الطوسي (المتوفى عام 460) اتسمت بأنها كانت نفس متون الأحاديث وعين عباراتها بحذف الإسناد.
وكأنهم كانوا حريصين على أن لا يتخطوا العبارات التي جاءت في الأحاديث حفاظا على الأصالة، وتجنبا من أية زيادة أو نقيصة.
ويعد كتاب الفقه الرضوي والمقنع للصدوق، ونهاية الشيخ الطوسي من هذا النوع غير أنه لما اتسع نطاق الفقه باتساع دائرة الحاجات الذي أدت بدورها إلى اتساع دائرة الاستنباط، وتجدد الفروع، اضطر فقهاء الإمامية إلى الكف عن الالتزام بنفس متون الأحاديث وعينها في كتابة المؤلفات الفقهية وإلى صياغة فروع جديدة مستنبطة من نفس تلك الأحاديث ومضامينها بعبارات جديدة انطلاقا من قولهم:
" علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " (1).
ويعد كتاب المبسوط والخلاف في الفقه للشيخ الطوسي شيخ الطائفة أبرز وأقدم نموذج من هذا النوع.