وأما ما ذكره من أن ما ورد في كتاب حريز من الآداب أحسن وأتم وأوفى مما ورد في رواية حماد فهو أيضا غير صحيح بل النسبة بين الروايتين عموم وخصوص من وجه، ويظهر ذلك بمقارنة الروايتين.
إن الكاتب يدعي أن الزنادقة كانوا يدسون في أحاديث الشيعة واستدل لذلك بما يحكى عن عبد الكريم بن أبي العوجاء، من أنه لما قبض عليه محمد بن سليمان وهو والي الكوفة من قبل المنصور، وأحضره للقتل، وأيقن بمفارقة الحياة قال:
" لئن قتلتموني فقد وضعت في أحاديثكم أربعة آلاف حديث مكذوبة مصنوعة " لاحظ ص 41 من هذا الكتاب نقلا عن أمالي المرتضى ج 1 ص 128.
إن الاستدلال بقول (عبد الكريم بن أبي العوجاء) ذلك الزنديق الملحد من عجائب الاستدلالات أفيصح الاستدلال بقول الفاسق فضلا عن الكافر، فمن أين وقف الكاتب على صدق مقاله وحقية كلامه، إن من المعلوم أن الإنسان الآيس من حياته، المحكوم بالقتل والصلب يطول لسانه ويأتي بالغث والسمين ليثير غضب الحاكم من غير أن يكون متقيدا بصدق مقاله ونعم ما قال القائل.
إذا يئس الإنسان طال لسانه * كسنور مغلوب يصول على الكلب والقارئ الكريم جد عليم بأنه لو صح ما نقله عن المرتضى فإنما يتوجه ذلك إلى الأحاديث غير الشيعية فإنه قال ما قال لمحمد بن سليمان الذي كان واليا من قبل المنصور، والكتب التي دس فيها كتب مربوط بغير الشيعة.
ويدل على ذلك ما ذكره ابن الجوزي في كتاب الموضوعات في حق الرجل " ابن أبي العوجاء " من أنه كان ربيبا لحماد بن سلمة وقد دس في كتب حماد بن سلمة (راجع الموضوعات ص 37 طبع المدينة المنورة).
وقد نص بذلك أيضا الذهبي في ميزان الاعتدال، وابن حجر في تهذيب