اليمن حفروا زبية للأسد فوقع فيها الأسد واجتمع الناس على رأسها فهوى فيها واحد فجذب ثانيا وجذب الثاني ثالثا ثم جذب الثالث رابعا فقتلهم الأسد فرفع ذلك إلى على ع فقال: للأول ربع الدية لأنه هلك فوقه ثلاثة والثاني ثلثا الدية لأنه هلك فوقه اثنان والثالث نصف الدية لأنه هلك فوقه واحد والرابع كمال الدية فبلغ ذلك رسول الله ص فقال: هو كما قال على، قالوا: وهذا حديث ضعيف والفقه ما بيناه في الأربعة وروايتنا خاصة مطابقة لما بيناه أولا بعينه وفقهها على ما قلناه.
فأما إذا حصل رجل في بئر مثل أن وقع فيها أو نزل لحاجة فوقع فوقه آخر نظرت فإن مات الأول فالثاني قاتل كما لو رماه بحجر فقتله إذ لا فرق بين أن يرميه بحجر فيقتله وبين أن يرمي نفسه عليه فيقتله، فإذا ثبت أن الثاني قاتل نظرت في القتل فإن كان عمدا محضا مثل أن وقع عمدا فقتله وكان مما يقتل غالبا لثقل الثاني وعمق البئر فعلى الثاني القود، وإن كان لا يقتل غالبا فالقتل عمد الخطأ فالدية عليه في ماله خاصة عندنا ولا يجب عليه القود، وإن كان وقع الثاني خطأ فالقتل خطأ محض تجب الدية مخففة على العاقلة، فإن مات الثاني دون الأول كان دمه هدرا لأنه رجل وقع في بئر فمات فيها والأول لا صنع له في وقوعه وغير مفرط في حقه، فإن ماتا معا فعلى الثاني الضمان على ما قلناه، إذا مات الأول وحده ودم الثاني هدر كما لو مات الثاني وحده.
فإن كانت بحالها وكانوا ثلاثة فحصل الأول في البئر ثم وقع الثاني ثم وقع الثالث بعضهم على بعض فإن مات الأول فقد قتله الثاني والثالث معا لأنه مات بقتلهما فالضمان عليهما نصفان، وإن مات الثاني وحده فلا شئ على الأول والثالث هو الذي قتل الثاني فالضمان عليه وحده على ما مضى، وإن مات الثالث كان دمه هدرا لأنه لا صنع لغيره في قتله، فإن ماتوا جميعا ففي الأول كمال الدية على الثاني والثالث وفي الثاني كمال الدية على الثالث وحده ودم الثالث هدرا فليلحظ ذلك.