ولا تسمى حلة حتى يكون ثوبين اثنين من برود اليمن أو نجران، فعلى هذا التحرير يكون الدية على أصحاب الحلل أربع مائة ثوب فليلحظ ذلك ويتأمل، فكل واحد من هذه الأجناس الستة أصل في نفسه وليس بعضه بدلا عن بعض هذا إذا كانت على العاقلة، فأما إن كانت على القاتل وهو إذا قتل عمدا أو اعترف بالخطا أو كان شبيه العمد عندنا فالحكم فيه كالحكم في العاقلة سواء.
عندنا إذا أوضحه موضحتين ففي كل واحدة منهما خمس من الإبل لقوله ع : في الموضحة خمس من الإبل، ولقوله: وفي المواضح خمس خمس، فإن عاد الجاني فخرق ما بينهما حتى صارا واحدة ففيهما أرش واحدة لأنه صيرهما واحدة بفعله كما لو أوضحه ابتداء به لأن فعل الواحد يبني بعضه على بعض بدليل أنه لو قطع يده ورجله ثم عاد فقتله فالدية واحدة لأن الجاني واحد.
قد قلنا: إن قتل العمد المحض موجبة عندنا القود دون الدية لشروط:
منها أن يكون غير مستحق بلا خلاف.
ومنها أن يكون القاتل بالغا كامل العقل فإن حكم عمد من ليست هذه حاله حكم الخطأ لقوله ع المجمع عليه: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه.
ومنها ألا يكون المقتول مجنونا بلا خلاف بين أصحابنا.
ومنها أن لا يكون صغيرا على خلاف بيننا فيه إلا أن الأظهر بين أصحابنا والمعمول عليه عند المحصلين منهم الاستقادة به لأن ظاهر القرآن يقتضي ذلك.
ومنها أن لا يكون القاتل والد المقتول لقوله ع: لا يقتل والد بولده، إلا في موضع واحد وهو الموضع الذي يتحتم القتل عليه لأجل المحاربة فيقتل بقتل ولده لأجل المحاربة الحتم لا لأجل الاستقادة بدليل أن ولي من قتله المحارب لو عفا لوجب على السلطان قتله حدا للمحاربة.
ومنها أن لا يكون القاتل حرا والمقتول عبدا سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره.
ومنها أن لا يكون القاتل مسلما والمقتول كافرا سواء كان معاهدا أو مستأمنا