ويحتج على المخالف في تحريم الفقاع بما رواه أبو عبيد القسم بن سلام والساجي في كتاب اختلاف الفقهاء عن أم حبيبة زوجة النبي ص من أن قوما من أهل اليمن قدموا عليه ص لتعلم الصلاة والفرائض والسنن فقالوا: يا رسول الله إن لنا شرابا نتخذه من القمح والشعير، فقال ع: الغبيراء؟ - فقالوا: نعم، فقال: لا تطعموه، قال الساجي في حديثه: إنه ع قال ذلك ثلاثا، وقال أبو عبيد في حديثه: لما كان بعد ذلك بيومين ذكروها له ع، فقال: الغبيراء؟ - فقالوا: نعم، قال ع: لا تطعموها، قالوا: فإنهم لا يدعونها، فقال ع: من لم يتركها فاضربوا عنقه، وروى أبو عبيد أيضا عن زيد بن أسلم أن النبي ع سئل عن الغبيراء فنهى عنها وقال: لا خير فيها، قال وقال زيد بن أسلم: والأسكركة هي، وقد علمنا أن الأسكركة اسم يختص في لغة العرب بالفقاع، وقد روى ابن حنبل عن ضمرة أنه قال:
الغبيراء التي نهى ع عنها الفقاع، وقال ابن حنبل: إن مالك بن أنس كان يكره الفقاع ويكره بيعه في الأسواق، وإن ابن المبارك كان يكرهه، وكان يزيد بن هارون يكرهه أيضا، وهؤلاء عند المخالف من كبار شيوخ أصحاب الحديث.
ولحوم الحمر الأهلية والبغال غير محرمة بدليل إجماع الطائفة، وأيضا الأصل الإباحة والمنع يحتاج إلى دليل ولا دليل يقطع به على ذلك لأن ما يتعلق به المخالف في تحريم لحم الحمر أخبار آحاد لا يجوز العمل بها في الشرعيات، ثم هي معارضة بغيرها ومحمولة على أن سبب النهي عن ذلك قلة الظهر في ذلك الوقت لا تحريم اللحم كما كان نهيه ع عن لحوم الخيل كذلك.
وقوله تعالى: والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، لا دلالة للمخالف فيه لأن جعلها للركوب والزينة لا يمنع من كونها لغيرهما بدليل جواز الحمل عليها - وإن لم يذكره - وأكل لحوم الخيل عند الأكثر ولأن الظاهر أن المقصود بذلك الركوب والزينة دون أكل اللحم وكذا نقول، وليس ذلك بمانع من كون لحمها حلالا إذا أريد أكله ألا ترى أن من قال لغيره: قد وهبتك هذه الفرس لتركبها، لا يمنع من جواز انتفاعه به بغير الركوب.
ويجوز أن ينتفع من ميتة ما يقع الذكاة عليه بالصوف والشعر والوبر والقرن والظلف