فإن قال: قد اتفق المسلمون على أن معنى قوله: " لا نبي بعدي " هو أنه لا نبي بعد وفاتي إلى يوم القيامة. فكذلك يقال له في كل خبر وأثر يومي فيه أنه لا نبي بعده.
فإن قال: إن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " إنما كان حيث خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوة تبوك فاستخلف عليا عليه السلام فقال: يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟
قيل: هذا غلط في النظر لأنك لا تروي خبرا تخصص به معنى الخبر المجمع عليه إلا وروينا بإزائه ما ينقضه ويخصص الخبر المجمع عليه على المعنى الذي ندعيه دون ما تذهب إليه ولا يكون لك ولا لنا في ذلك حجة لأن الخبرين مخصوصان ويبقى الخبر على عمومه ويكون دلالته وما يوجبه وروده عموما لنا دونك. لأنا نروي بإزاء ما رويته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع المسلمين وقال لهم: وقد استخلفت عليا عليكم بعد وفاتي وقلدته أمركم وذلك بوحي من الله عز وجل إلي فيه.
ثم قال له بعقب هذا القول مؤكدا له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " فيكون هذا القول بعد ذلك الشرح بينا مقاوما لخبركم المخصوص ويبقى الخبر الذي أجمعنا عليه وعلى نقله من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " بحالة يتكلم في معناه على ما تحتمله اللغة والمشهور من التفاهم وهو ما تكلمنا فيه وشرحناه وألزمنا به أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نص على إمامة علي عليه السلام بعد وفاته وأنه استخلفه وفرض طاعته والحمد لله رب العالمين على نهج الحق المبين.