الناس يقولون: إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي عليه السلام قال: فما يصنعون بخبر رواه سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي عليه السلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ فمن كان في زمن موسى مثل هارون؟.
قال مصنف هذا الكتاب - قدس الله روحه -: أجمعنا وخصومنا على نقل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " فهذا القول يدل على أن منزلة علي منه في جميع أحواله بمنزلة هارون من موسى في جميع أحواله إلا ما خصه به الاستثناء الذي في نفس الخبر. فمن منازل هارون من موسى أنه كان أخاه ولادة، والعقل يخص هذه ويمنع أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عناها بقوله لأن عليا لم يكن أخا له ولادة، ومن منازل هارون من موسى أنه كان نبيا معه، واستثناء النبي يمنع من أن يكون علي عليه السلام نبيا، ومن منازل هارون من موسى بعد ذلك أشياء ظاهرة وأشياء باطنة، فمن الظاهرة أنه كان أفضل أهل زمانه وأحبهم إليه وأخصهم به وأوثقهم في نفسه، وأنه كان يخلفه على قومه إذا غاب موسى عليه السلام عنهم، وأنه كان بابه في العلم، وأنه لو مات موسى، وهارون حي كان هو خليفته بعد وفاته. والخبر يوجب أن هذه الخصال كلها لعلي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وما كان من منازل هارون من موسى باطنا وجب أن الذي لم يخصه العقل منها كما خص أخوة الولادة فهو لعلي عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن لم نحط به علما لأن الخبر يوجب ذلك وليس لقائل أن يقول: أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عني بعض هذه المنازل دون البعض فيلزمه أن يقال: عني البعض الآخر دون ما ذكرته فيبطل جميعا حينئذ أن يكون عني معنى بتة ويكون الكلام هذرا والنبي لا يهذر في قوله لأنه إنما كلمنا ليفهمنا ويعلمنا عليه السلام فلو جاز أن يكون عني بعض منازل هارون من موسى دون بعض ولم يكن في الخبر تخصيص ذلك لم يكن أفهمنا بقوله قليلا