إلا أن يقصد به أول التابعين، على أن الزرقاني يذهب إلى أن الصحابة والتابعين لم يكتبوا الحديث وإنما كانوا يؤدون الأحاديث لفظا ويأخذونها حفظا إلا كتاب الصدقات ولما خاف عمر بن عبد العزيز اندراسها أمر قاضيه على المدينة أبا بكر محمد بن عمرو بن حزم أن يجمع الأحاديث فتوفي ابن عبد العزيز وقد جمع ابن حزم كتابا قبل أن يبعث به إليه (1) وفي تخريج أبي نعيم الإصبهاني أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الآفاق بجمع حديث رسول الله صيانة له عن التلف (2).
لقد ظل الصحابة من بعد الرسول والتابعون من بعدهم يستقون مسائل الشريعة من الأحاديث النبوية ولما تكثرت الفروع بسبب اختلاط المسلمين بغيرهم ولم يكن من تلك الدراري اللامعة ما فيه النص عليها مال قسم من العلماء إلى الرأي والاستحسان مستندين إلى أن الشريعة معقولة المعنى ولها أصول محكمة فهمت من الكتاب والسنة فكانوا يبحثون عن علل الأحكام وربط المسائل بعضها ببعض ولم يحجموا عن الفتوى برأيهم فيما لا يجدون نصا فيه واشتهروا بأصحاب " الرأي والقياس " كما قيل لمقابليهم الواقفين على النصوص فحسب " أهل الظاهر " وكان أكثر أهل العراق أهل قياس وأكثر أهل الحجاز أهل حديث وعلى هذا كان سعيد بن المسيب يقول لربيعة بن عبد الرحمن المتوفى سنة 136 ه لما سأله عن علة الحكم: أعراقي أنت؟! (3).
ولعل أول من غرس بذرة العمل بالقياس (عمر) فإنه يقول في كتابه