عن جادة القياس المكدسة بأشواك الخطأ والتضليل مستضيئين في ذلك بأحاديث أئمتهم الذين لا ينطقون عن الهوى وإنما هو تعليم من (عزيز عليم) بما أودعه فيهم من القوة القدسية النورية التي بها تمكنوا من استعلام ما يحدث في الكائنات وهي المعبر عنها بروح القدس في بعض الأخبار.
الجامعة الكبرى للشيعة كانت مدينة النجف الأشرف الجامعة الوحيدة بين البلدان لدرس الفنون والمعارف الإلهية منذ هبط إليها الشيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي بعد أن لاقى ببغداد من الحنابلة غصصا وكابد ما لا يغض الطرف عنه يوم هجموا على داره بالكرخ سنة 448 وأحرقوا كتبه وآثاره ونهبوا داره (1) وجرى لهم مع شيخه المفيد محمد بن محمد بن النعمان ما هو أفضع وأشنع حتى أخرجه عميد الجيوش إلى خارج بغداد في سنة 393 وسنة 398 غير أن شفاعة علي بن مزيد أرجعته إلى مقره ببغداد (2) كما نهبوا دار الشريف المرتضى في سنة 422 وقتلوا جماعة من الشيعة (3).
في سنة 448 ه حل الشيخ الطوسي هذه البقعة المغمورة بالفيوضات الإلهية ببركات باب مدينة علم الرسول فانضوى إليه أهل الفضيلة ممن قطنها قبلها للاقتباس من آثاره والاستضائة من معارفه التي حباه المهيمن سبحانه بها وتزاحمت العلماء على الانتهال من بحره المتموج بأسرار أهل البيت (ع) وكانت حلقات مجالس الدراسة ورواية الحديث في أيامه وثيقة الأطرف وأصبحت " النجف " مركزا للزعامة العلمية وجامعة كبرى لنشر الفقه