ويمكن أن يقال: ما ذكر في تفسير النبوي يشكل من جهة أن حصول مثل الأمومة والأخوة والبنوة بنظر العرف كيف يتحقق برضاع ليلة ويوم وخمس عشرة رضعة إلا بالتنزيل وكيف يكون الحكم مرتبا على ما لا يتحقق إلا بالتنزيل، ويمكن أن يكون المراد أن العناوين الحاصلة بالنسب الموجبة للحرمة يتحقق بالرضاع بدون اعتبار تحققها بنظر العرف فالرضاع في مدة يوم وليلة يوجب الحرمة بالنسبة إلى الفحل لأنه صاحب اللبن وبمنزلة الأب كما في الأب النسبي ويوجب الحرمة بالنسبة إلى المرضعة لأنها بمنزلة الأم النسبية وبالنسبة إلى أولادهما النسبية لأنهم بمنزلة الأخوة النسبية فليس إحراز العناوين الخاصة على المكلف حتى يقال: إنه مع الشك في حصولها لا مجال للتمسك بالدليل للشبهة المصداقية ومع تعارض الأخبار لا يبعد حمل ما يدل على كفاية عشر رضعات على التقية من جهة بعض أخبار الباب وهو ما رواه عبيد بن زرارة (1) في الصحيح - إلى أن قال - فقلت: " وما الذي ينبت اللحم و الدم؟ فقال: كان يقال عشر رضعات " وإن كان يشكل هذا من جهة اختلاف أقوال العامة لأن المنقول من الشافعي وأحمد بن حنبل الاكتفاء بخمس رضعات، وفيهم من قال بثلاث، واكتفى مالك وأبو حنيفة بالرضعة الواحدة ونقل العامة في صحاحهم عن عائشة أنه كان في القرآن عشر رضعات محرمات فنسخت تلاوته وفي رواية أخرى عنها قالت:
كان في ما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس معلومات (2) " فكيف يحمل الأخبار الدالة على العشر على التقية مع أن مشاهير علمائهم لا يقولون به مضافا إلى الشهرة بين القدماء فلا بد من التخيير والأخذ بأحد الطرفين ولا تصل النوبة إلى الأصل ولا الأخذ بالأخبار الدالة على الخمس عشرة رضعات.
ثم إنه ذكر في المقام إشكال وتنبيه على ما يمكن أن يتفصى به أما الاشكال فحاصله هو أن أخبار التقديرات الثلاث حيث تكون في مقام البيان وإناطة التحريم بما ذكر فيها من التقديرات على وجه يدور مدارها وجودا وعدما ينحل كل واحد منها إلى