قلنا: بأنهما ليستا في مقام البيان مع جميع الجهات فلا مجال للأخذ بإطلاقهما في محل الشك كما سبق نعم المعارضة باقية على تقدير الإطلاق والمحكي عن أكثر المتقدمين هو التحديد بالعشر مستندا في ذلك إلى بعض النصوص الدالة على نشر الحرمة بالعشر إذا كانت متوالية. كرواية الفصيل المتقدمة، وموثقة عمر بن يزيد قال: " سألت الصادق عليه السلام عن الغلام يرضع الرضعة والرضعتين فقال: لا يحرم فعددت عليه حتى أكملت عشر رضعات، فقال عليه السلام: إذا كانت متفرقة فلا " (1).
ورواية هارون بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا يحرم من الرضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم، وأما الرضعة والرضعتان والثلاث حتى بلغ عشرا إذا كن متفرقات فلا بأس - الخبر (2) ".
والمحكي عن أكثر المتأخرين هو التحديد بالخمس عشرة رضعة واستدل عليه بصحيحة علي بن رئاب وموثقة زياد بن سوقة المتقدمتين، وفي مقام المعارضة مع ما دل على كفاية العشر يجاب بتقديم ما دل على عدم كفاية العشر لكونهما أصح سندا وأقوى دلالة منها، فمع تسليم مقاومة ما دل على كفاية العشر سندا ودلالة من جهة ذهاب القدماء إلى الكفاية يقال: إن المرجع هو الأصل القاضي بالتحليل لا إطلاقات الأدلة الدالة على سببية الرضاع للتحريم من الكتاب والسنة للمنع عن كونها إلا في مقام أصل التشريع، ولو سلم الإطلاق فلا مجال أيضا لأن التمسك بها في المقام من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لما سبق من أن المراد من قوله: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " هو تنزيل ما يحصل بالرضاع من العناوين منزلة ما يحصل منها بالنسب في الحكم. ومن المعلوم أن مجرد تحقق مسمى الرضاع لا يكون عند العرف موجبا لحصول تلك العناوين بل لا بد من حصولها بها عرفا من بلوغه إلى مقدار كثير فمع الشك في كفاية عشر رضعات لا مجال للتمسك.